شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

الإمام جعفر ابن محمد الصادق مؤسس المذهب الجعفري

كانت شخصیة الامام العظیمة بما تجسد فیها من هدی الاسلام وبما حملت من نور تجذب الناس الیه وكان بما حمل من علم وفهم وخلق واخلاص لله تعالی یذكرهم بسیرة الرسول الاكرم (صلی الله علیه و آله) والسابقین من اهل بیته علیهم السلام.
رمز الخبر: 8061
13:56 - 01 September 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:

وهكذا فان الصادق علیه السلام یشكل مع آبائه الطاهرین حلقات متواصلة مترابطة متفاعلة، حتی تتصل برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، فهی تشكل مدرسة وتجربة حیة یتجسد فیه الاسلام الاصیل وتطبق فیها احكامه وتحفظ مبادئه. 

فان الائمة من اهل البیت علیهم السلام ورثوا العلم ابنا عن أب الی علی بن ابی طالب علیه السلام الذی قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) فیه: (انا مدینة العلم وعلی بابها). 

وهو بذلك ینتهی الی رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو الوارث لعلومه ومعارفه. من هنا كان الامام الصادق (علیه السلام) یحمل الاسلام بنقائه وصفاته كما نزل علی رسول الله (صلی الله علیه و آله) وبلغه، ولذا قصده العلماء من كل مكان یبغون علمه ویرجون فضله حتی جاوز عدد تلامیذه آلالاف الذین نقلوا العلم الی مختلف الدیار فكان الصادق بحق محیی السنة المحمدیة ومجدد علوم الشریعة الالهیة. 

كانت شخصیة الامام العظیمة بما تجسد فیها من هدی الاسلام وبما حملت من نور تجذب الناس الیه وكان بما حمل من علم وفهم وخلق واخلاص لله تعالی یذكرهم بسیرة الرسول الاكرم (صلی الله علیه و آله) والسابقین من اهل بیته علیهم السلام.
 
ولم یحتل احد المكانة المرموقة والمقام السامی فی عصر الامام جعفر بن محمد علیه السلام كالمكانة التی احتلها هو. فعامة المسلمین وجمهورهم كانوا یرون جعفر بن محمد (علیه السلام) سلیل بیت النبوة وعمید اهل البیت ورمز المعارضة للظلم والطغیان الاموی والعباسی وحبه والولاء له فرض علی كل مسلم مصداقا لقوله تعالی: (قل لا أسالكم علیه أجرا إلا المودة فی القربی) الشوری/23 .

ففی حیاة الامام الصادق علیه السلام وفی اواخر الحكم الاموی ازداد ظلم الامویین واشتد إرهابهم وتعاظمت نقمة الامة علیهم وكان طبیعیا - كما یشهد التاریخ - ان یكون آل البیت هم الطلیعة والقیادة والشعار المحبوب لدی جماهیر الامة. 

لذا بدأت الحركة ضد الحكم الاموی باسم آل البیت، وأعلن دعاتها انهم یدعون لعودة الخلافة الامامة لاصحابها الشرعیین، وانهم یدعون الی الرضا من آل محمد (صلی الله علیه و آله) ای الی من هو اهل للامامة والخلافة من ذریة فاطمة بنت محمد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.  
ومع ذلك فاننا نشهد بعد الامام الصادق علیه السلام عن هذه المعركة وانسحابه من المواجهة المكشوفة لانه كان یعرف النتائج التی ستنتهی الیه الحوادث، فهو یعرف ان الشعارات زائفة والدعوة مبطنة لیست صادقة فی مدعاها وان اهل البیت سیكونون هم الضحیة بعد ان یسیطر العباسیون علی الحكم لذا حذر العلویین من الاندفاع خلف الشعارت والانخداع بها. 

وصدق الامام علیه السلام، فقد وقع ما اخبر وحدث ماكان یحذر منه.  
وقد عاصر الامام كل الادوار السیاسیة فی تلك الفترة وشاهد بنفسه محنة آل البیت علیهم السلام وآلام الامة وآهاتها وشكواها وتململها، الا انه لم یكن لیملك القدرة علی التحرك ولم یستطع المواجهة لاسباب عدیدة.
 
لذا راح الامام علیه السلام یربی العلماء وجماهیر الامة علی مقاطعة الحكام الظلمة ومقاومتهم عن طریق نشر الوعی العقائدی والسیاسی والتفقه فی احكام الشریعة ومفاهیمها ویثبت لهم المعالم والأسس الشرعیة والواضحة كقوله علیه السلام: (العامل بالظلم والمعین له والراضی به شركاء ثلاثتهم) الاصول من الكافی ج 2 . 

بعد سقوط الدولة الامویة واستیلاء العباسیین تنكر العباسیون لآل الییت علیهم السلام وراحوا یفتكون بهم بعد ان كانت دعوتهم تتستر تحت شعار الدفاع عن آل البیت (علیه السلام) وتعرض مظلومیتهم وتستمیل الناس بحبهم.  
عانی العلویون اشد المعاناة كما عانی غیرهم من ظلم بنی العباس وجورهم واستبدادهم حتی ان خلیفتهم الاول (ابا العباس) سمی بالسفاح لكثرة ما اراق من الدماء واشتدت المحنة علی الامام الصادق علیه السلام وضیق علیه. 

وحینما تولی ابو جعفر المنصور الخلافة ازدادت مخاوفه من الامام الصادق (علیه السلام) واشتد حسده لتفوق شخصیة الامام علیه السلام وعلو منزلته فی النفوس وذیوع اسمه فی الآفاق وشموخ مكانته العلمیة.  
لذلك عمد المنصور الی استدعاء الامام الصادق (علیه السلام) وجلبه من المدینة الی العراق عدة مرات لیحقق معه ویتاكد من عدم قیادته لحركات سریة ضد الحكم العباسی. 

وكم حاول المنصور ان یستمیل الامام الصادق (صلی الله علیه و آله) الی جانبه، إلا انه فشل لان الامام علیه السلام كان یفرض مقاطعة علی الحكم العباسی وكان یعرف ان مقاطعته ترسم موقفا شرعیا للمسلمین وتكشف انحراف السلطة فتضعف مركزها فی النفوس.  
وقد كتب المنصور الی الامام الصادق علیه السلام یطلب فیه قرب الامام علیه السلام ومصاحبته ومما جاء فی الكتاب: (لِم لا تغشانا كما یغشانا الناس)؟. 

فكتب الیه الصادق علیه السلام: (لیس لنا ما نخافك من اجله، ولاعندك من أمر الاخرة ما نرجوك له، ولا انت فی نعمة فنهنئك، ولا نراها نقمة فنعزَیك).  
فكتب الیه المنصور: (تصحبنا لتنصحنا).  
فأجابه الصادق علیه السلام: (من أراد الدنیا لاینصحك، ومن أراد الاخرة لایصحبك).  
وقد ذكرت بعض الروایات ان المنصور نوی قتل الامام علیه السلام اكثر من مرة، إلا ان الله سبحانه وتعالی دفع عن الامام ذلك. 

فقد روی ابن طاووس فی كتابه نهج الدعوات ان المنصور استدعی الامام الصادق (علیه السلام) سبع مرات لفتك به ونجاه الله من كیده .  
هكذا عاش الامام الصادق علیه السلام هذه الاجواء السیاسیة المضطربة فی جو مشحون بالعداء والارهاب والتجسس والملاحقة إلا انه استطاع بحكمته وقوة عزیمته ان یؤدی رسالته وان یفجر ینابیع العلم والمعرفة ویخرج جیلا من العلماء والفقهاء والمتكلمین. 

والذی یتابع منهج الامام علیه السلام، ومهمته العلمیة یكتشف ان الامام كان یستهدف بعمله ومدرسته الاهداف الآتیه:  
اولا- حمایة العقیدة من التیارات العقائدیة والفلسفیة الالحادیة والمقولات الضآلة، كالزنادقة والغلو والتأویلات الاعتقادیة التی لاتنسجم وعقیدة التوحید.  
وقد جاهد الامام الصادق (صلی الله علیه و آله) وناضل من اجل الدفاع عن عقیدة التوحید ضد الملحدین والزنادقة، كما جاهد ضد الغلاة الذین حاولوا ان یتستروا تحت اسم اهل البیت علیه السلام ویخلعوا علیهم صفات الربوبیة والالوهیة. 

وقد برأ الامام علیه السلام من هؤلاء الخارجین علی عقیدة التوحید كما برأ آباؤه علیهم السلام من قبل.  
ثانیا- نشر الاسلام وتوسیع دائرة الفقه والتشریع وتثبیت معالمها، وحفظ اصالتها إذلم یروا عن احد الحدیث ولم یؤخذ عن امام من الفقه والاحكام ما اخذ عن الامام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام. 

بعد هذا العمر الملیء بالعلم والعمل والسعی والجهاد والفضل والتقوی فارق حفید الرسول الاعظم الامام جعفر بن محمد الصادق علیه السلام الحیاة مسموما مظلوما محتسبا منیا الی الله تعالی صابرا علی كل ما اصابه من ظلم وجور منیرا للامة طریق سعادة الدارین، رافعا للاجیال رایة الكفاح من اجل الحفاظ علی شریعة الله تعالی، ومقاومة كل ضلال وانحراف او بدعة او هوی.
 
ودس إلى الإمام الصادق علیه السلام السم فی زمن الخلیفة العباسی أبی جعفر المنصور الدوانیقی، فاستشهد مسموماً فی الخامس والعشرین من شوال 148 هـ ،وكانت شهادته علیه السلام بالمدینة المنورة ودفن فی مقبرة البقیع مع ابیه وجده وجدته فاطمة الزهراء علیها السلام وعمه الحسن السبط بن علی علیه السلام.


النهاية
الکنانة

إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: