شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

الإنترنت..˝بدعة˝ تحولت الى وسیلة لشهرة شیوخ الدین

عارض رجال الدین العرب بشكل شبه دائم كل جدید یظهر فی مجتمعاتهم بترسانة من الفتاوى التی تحرم أو تحذر من استخدام التكنولوجیا. وهكذا ظهرت فتاوى تحرم استخدام الصحف كما حدث فی المغرب أواخر القرن التاسع عشر، من خلال الإفتاء بـ˝الضرب بالعصی على رؤوس قارئی الجرائد˝، أعقب ذلك فتاوى تحریمیة واكبت ظهور المذیاع واستخدام التلفزیون ثم شبكة الإنترنت.
رمز الخبر: 7982
16:52 - 27 August 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:

لكن یبدو أن رجال الدین أنفسهم تجاوزوا هذه الفتاوى، وأصبحوا الیوم نجوم الشبكة العنكبوتیة بفضل "استحواذهم" على مواقع التواصل الاجتماعی. ویحظى الدعاة فی السعودیة مثلا بملایین المتابعین على موقع "تویتر" متفوقین فی ذلك على السیاسیین ونجوم الغناء. أما موقع "یوتیوب" فإنه أصبح الوجهة المفضلة لمن أصبحوا یلقبون بشیوخ الإنترنت الذین یستخدمون الشبكة لإطلاق فتاوى غریبة أو لتصفیة الحسابات الطائفیة.
 
ولعل فتوى "إرضاع الكبیر" التی خلفت جدلا كبیرا فی العالم الإسلامی قبل سنوات خیر دلیل على ذلك، فالفتوى التی أصدرها الشیخ عزت عطیة لم تكتسب أهمیة إلا بعد نشرها على موقع "یوتیوب" إذ حظیت بنسبة مشاهدة تفوق 4 ملایین دون احتساب عدد مرات إعادة نشرها على  القنوات الأخرى ل"الیوتیوب". وبالرغم من انقسام المتابعین حول هذه الفتوى بین مؤمن بها وبین من اعتبر إیاها مجرد "اجتهادات منحرفة"، إلا أن الذی تأكد أن نشرها على الیوتیوب، فتح نقاشات حولها من خلال تعلیقات تتجاوز فی أغلب الأحیان السجال الهادئ إلى التلاسن وتبادل الاتهامات.  
 
"حُرَّاس المعبد" یغزون الیوتیوب
 
لقد تنبه الكثیر من العلماء إلى أهمیة الإنترنت أو "العفریت" كما وصفها الشیخ عدنان إبراهیم، فبدأ جلهم، بمن فیهم الحامل لفكر التشدد وعدم التساهل مع بدع المدنیّة یتهافتون على هذه الوسیلة، وهناك أیضا من بادر إلى الاجتهاد فی التقعید والتأصیل الفقهی لهذه الوسیلة الجماهیریة، من خلال إصدار فتاوى تجعلها ضمن الآلیات الواجب تسخیرها لخدمة الدعوة. فهی "الآلة الجبارة التی تخترق الأسوار وتجتاز القفار والبحار لتغزو الأقطار وتغیر الأفكار "، كما قال رئیس التجمع العالمی لعلماء المسلمین یوسف القرضاوی.
 
ویعج موقع یوتیوب بعدد لا حصر له من صفحات الشیوخ والدعاة، أما مضامین الفیدیوهات المنشورة فهی متعددة، وتأثیرها یمكن رصده من خلال كمیة التعلیقات المصاحبة لاسیما إذا تعلق الأمر بفتوى دینیة أو رأی فقهی مثیر للجدل.
 
ومنذ أن أحدث الداعیة النمساوی من أصل فلسطینی عدنان إبراهیم حسابا خاصا به على "یوتیوب"، لا ینفك النقاش یتصاعد حول مضامین أی فیدیو یقوم بتنزیله، خصوصا عندما قدّم رأیه فی كتاب البخاری أو عند تطرقه للمواضیع الخلافیة بین السنة والشیعة أو حین عرّج على مسألة الإلحاد فی العالم الإسلامی. هذه الأخیرة التی ناقشها عدنان إبراهیم فی سلسلة من 15 حلقة، خلقت ردة فعل قویة ونالت نصیبا كبیر من المتابعة تجاوز  سقف الملیونین، بل تطورت الأمور إلى فتاوى ونقاشات فی شكل فیدیوهات مضادة.
 
ویذهب الداعیة السلفی المغربی محمد الفیزازی الذی كان قید الاعتقال بشبهة الإرهاب عام 2003 وأطلق سراحه ، إلى أن "وسائل الاتصال والتواصل العصریة هی منابر للخیر كما للشر، وعلى الدعاة إلى الإسلام استغلالها من أجل إیصال كلمة الإسلام وطرح  القضایا الكبرى التی من شأنها أن تنشر السلام والمحبة بین كل الناس باختلاف أدیانهم وأجناسهم وألوانهم".
 
ویشرح الشیخ الفیزازی الحاضر بشكل لافت على  موقع "یوتیوب" على صعید المغرب، كیف أنه لجأ إلى هذه الوسیلة لطرح كلمته وإبلاغ رأیه و"النقاش مع القریب والبعید". ویواصل قائلا فی تصریح لموقع "رادیو سوا" "إنه (الیوتیوب) سوق تعرض فیها المضامین كبضاعة فكریة تتراوح بین الصواب والخطأ، كما أنها تحتضن متطفلین على الإفتاء ممن یقولون على الله من غیر حق".
 
ویبدو أن الإنترنت قد ضمن للعدید من الأصوات الدعویة صیتا كبیرا لدى الرأی العام، رغم كون بعضها أسماء مغمورة ینقصها العلم والتفقه فی الدین. وقد استندت هذه الأصوات بحسب الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط فی المغرب محمد الفران على "غرابة المضمون" و"طرافة الفتوى"، وهذا ما "جعل الاطلاع علیها كثیرا والإقبال  علیها كبیرا".
 إذا كان الفقهاء فیما مضى یستندون على المذهب فی أی فتوى، فإن مشایخ الإنترنت بعیدون عن ذلك تماما، إنهم ینزلون الخاص منزلة العام، من دون سند أصولی.
 
ویلاحظ الدكتور الفران أن "مضامین الرسائل المبثوثة على یوتیوب تغلب علیها السذاجة والسطحیة فی مقاربة الظاهرة"، مضیفا "إذا كان الفقهاء فیما مضى یستندون على المذهب فی أی فتوى، فإن مشایخ الإنترنت بعیدون عن ذلك تماما، إنهم ینزلون الخاص منزلة العام، من دون سند أصولی". وهو ما یجعل شریط فیدیو على یوتیوب  یثیر النقاش ویخلف تعلیقات بالآلاف بین المتصفحین.
 
حروب مذهبیة فی موقع یوتیوب
 
لقد تحول موقع یوتیوب فی زمن الانتصار للطائفة إلى ساحة حرب یستعر لهیبها أحیانا ویخمد أحیانا أخرى بین الاتجاهات والمذاهب فی العالم الإسلامی. ویرى محللون أن "الفتاوى الكومیدیة" التی "یتحف" بها بعض الدعاة  المتلقی فی المنطقة، لا تعدو أن تكون مجرد "كومیدیا رمضان" تنتهی فی زمن قصیر، متیحة بعدها المجال الافتراضی لفیدیوهات السجال الدینی، وما یعقبها من ردود فعل على شكل تعلیقات تتجاوز إلصاق أوصاف (التكفیری والشیعی والرافضی والدّعی الكاره لآل البیت...) إلى الاتهام بالتنطع والتشدد والتكفیر، ویمكن أیضا أن تنبثق عنها فیدیوهات أخرى تتضمن التهدید والوعید.
 الغزو الإلكترونی للدعاة، ما هو إلا مظهر من مظاهر التجنید والتصدیر المذهبیین الذی فرضه الصراع القائم على أرض الواقع بین المذاهب والتیارات الدینیة
 
ویذهب أستاذ الفتاوى بجامعة الأزهر أحمد كریمة فی حوار مع موقع "رادیو سوا" إلى أن "الغزو الإلكترونی للدعاة، ما هو إلا مظهر من مظاهر التجنید والتصدیر المذهبیین الذی فرضه الصراع القائم على أرض الواقع بین المذاهب والتیارات الدینیة فی الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
 
أعراض جانبیة لقنوات الیوتیوب الدینیة
 
إذا كان البعض یرى فی فیدیوهات الدعاة على الإنترنت وسیلة فعالة للتعریف بقضایا الإسلام وتقدیم أراء دینیة حول مواضیع تهم الشأن العام فی المجتمعات الإسلامیة، فان البعض الآخر ینظر بنوع من الشك والریبة تجاه بعض الدعاة الذین یتوسلون الإنترنت فی مجال الدعوة، ویصفهم أحمد كریمة قائلا "لا یقدمون إلا صورة ممسوخة ومشوهة عن الإسلام".
 
وهو رأی یوافق علیه الأستاذ الجامعی محمد الفران بالقول "من لهم مواقف ضد الدین یستغلون هذه الفیدیوهات للتهجم على الإسلام"، مضیفا أن "هؤلاء الأدعیاء یُقَزِّمون أیضا من مكانة العلماء الحقیقیین".
 
وللخروج بالدین الإسلامی من الصورة "الكومیدیة" التی أدخلته إلیها بعض فیدیوهات الدعاة والشیوخ على الیوتیوب، یرى أكادیمیون أن السبیل إلى ذلك ممكن وهو "واجب الوقت"، من خلال العمل على تكثیف منابع "دعم الأصوات الدینیة التی تمتلك عدة علمیة متینة وتتحدر من مجامع فقهیة ومعاهد دینیة محكمة"، مع وجوب التعجیل بعقد مؤتمر لوضع میثاق شرف  حول ممارسة الدعوة تشرف علیه منظمة المؤتمر الإسلامی ووزارات أوقاف بلدان العالم الإسلامی ومؤسسات علمیة رصینة.
 
عبد الله إیماسی

النهاية
الکنانة الاخباري
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: