شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

تحليل: تونس صدرت ثورتها لمصر فهل تستورد انقلابها الشعبي؟

زخم في تونس وآخر من مصر وفي بلد مازالت المظاهرات فيه تدور بكيفية شبه يومية مع نخبة مثقفة، لكنها أضافت إلى حراكها الشعبي بعض الخبرة السياسية، ولكن السؤال عمّا إذا كانت مصر ستعكس الصورة هذه المرة وتكون هي التي صدّرت ثورتها إلى تونس؟
رمز الخبر: 7282
17:05 - 18 July 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:

هناك مكان ما على الكرة الأرضية يتابع ما يحدث في مصر منذ أسبوعين بعيون واسعة.إنه تونس البلد الذي أطلق الربيع العربي قبل الجميع في ديسمبر/كانون الثاني 2010. لقد حكم ما يحدث في مصر على الحكومة التونسية بأن تعيش واقعا جديدا، يتمثل بالحكومة الإسلامية الوحيدة في المنطقة.

زخم في تونس وآخر من مصر وفي بلد مازالت المظاهرات فيه تدور بكيفية شبه يومية مع نخبة مثقفة، لكنها أضافت إلى حراكها الشعبي بعض الخبرة السياسية، ولكن السؤال عمّا إذا كانت مصر ستعكس الصورة هذه المرة وتكون هي التي صدّرت ثورتها إلى تونس؟

ومع الزخم الذي تشهده الأحداث الجارية في مصر منذ نهاية حزيران، من السهل نسيان أنّ تونس هي التي حركت الشارع العربي.

فقد ضج ميدان التحرير أثناء الثورة التي أطاحت بمحمد حسني مبارك بالأعلام التونسية والشعارات التي رفعها شباب تونس الذي أطاح قبل ذلك بأسابيع بزين العابدين بن علي.

ومنذ ذلك التاريخ بدا وكأن البلدين يسيران جنبا إلى جنب، لدرجة أن الأمر كان يبدو وكأنه نسخة مكررة في كليهما، رغم أن تونس من اصغر الدول العربية، فيما مصر أكبرها.

ولعل الصورة العامة للتماثل هو أن الإسلاميين فازوا بانتخابات ديمقراطية، فيما المعارضة العلمانية تكافح من أجل جدول زمني للتوصل إلى دستورين.

الفارق الفاصل هنا، جاء الفارق الفاصل بين البلدين، وفقا لمجلة "تايم" الأمريكية. ففي الوقت الذي عزز فيه محمد مرسي من حضور الإخوان المسلمين، وبدا أنه استفرد بالحكم، فضّلت حركة النهضة أن تتشارك في حكم تونس مع حزبين علمانيين صغيرين، فمنحت الأول، وهو حزب المؤتمر رئاسة البلاد ممثلة في منصف المرزوقي، ومنحت الثاني، وهو حزب التكتل رئاسة المجلس التأسيسي ممثلة في مصطفى بن جعفر، الذي يتولى المشي على خيط رفيع يضمن فيه دستورا ممثلا لجميع التونسيين، ولكنه قد يعكس في بعض جوانبه مرجعيات حزب النهضة الإسلامي.

ومع تزايد الفوضى في مصر وعدم الاستقرار السياسي، يعبر زعماء حركة النهضة عن ثقتهم في كونهم تفادوا منذ البداية السيناريو المصري. ونقلت "التايم" عن محمد عمر، وهو قيادي في حركة النهضة قوله: "لقد تكهنا بما حدث في مصر، ولذلك فضلنا أن نمنح الأحزاب العلمانية جزءا من الحكم، وهو ما يمنع تدخل الجيش."

وقال أحد مستشاري المرزوقي، ويدعى طارق الكحلاوي، في صفحته على فيسبوك بلهجة تحد واضحة: " تونس صدرت الثورة للمصريين، ولا يعقل أن تستورد منهم الانقلابات."

والأكثر منذ لك أن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، ندد بالانقلاب في مصر، ودعا أنصار مرسي إلى البقاء في الشوارع حتى إعادته رئيسا، واصفا مقتل 50 من أنصاره (مرسي) على أيادي الجيش، بالمجزرة التي نفذها انقلابيون.

شبح مصر ويعتقد عدد من التونسيين أن السيناريو المصري محتمل في تونس أيضا، لاسيما مع كثرة الشواهد على عجز الحكومة فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية أو الحد من عنف جماعات إسلامية متشددة اغتالت الزعيم الكاريزمي اليساري شكري بلعيد.

ولعل ما زاد الطين بلة تصريحات أدلى بها قياديون في حركة النهضة قبل أيام، أثناء تظاهرة منددة بالانقلاب في مصر، بلغت مداها عندما هدد رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي، الصحبي عتيق "من يستبيح الشرعية بأن يستباح في شوارع تونس."

وبقدر ما اثار ذلك حنق المعارضة التي اشتكته إلى القضاء، عكس ذلك حالة الارتباك التي تعيشها الحركة الحاكمة بتونس. لكن ما حدث في مصر بدأ فعلا في الانعكاس على الشارع التونسي، فقد دفع ذلك شبابا تونسيين إلى إطلاق حركة تمرد، المقتبسة من حركة تمرد مصر التي شاركت في الحشد لإطاحة مرسي.

وتمكنت تلك الحركة من جمع عشرات الآلاف من الأنصار حتى الآن بتونس، وأعلنت مؤخرا انضمامها إلى تجمع دعت له الجبهة الشعبية المعارضة.

"تمردوا...تمردوا" ويضم ذلك التجمع تحالفا على حد أدنى شعاره إطاحة الإسلاميين، ويضم الجبهة الشعبية التي استفادت من اغتيال أحد مؤسسيها، شكري بلعيد، وكذلك من حركة "نداء تونس" التي أسسها رئيس الوزراء الانتقالي باجي قايد السبسي الذي ترى فيه حركة النهضة وحزب المؤتمر الحاكمان أشرس منافس على الحكم.

وضربت حركة "تمرد" التونسية الـ25 يوليو/تموز، موعدا لتجمع أنصارها بمناسبة ذكرى إعلان الجمهورية في تونس على يد الزعيم الراحل مؤسس تونس الحديثة الحبيب بورقيبة، العدوّ من داخل قبره لحركة النهضة، وذلك في محاكاة لموعد 30 يونيو/حزيران المصري.

لكن أعضاء في الترويكا الحاكمة، عبروا عن مساندتهم للمصريين، وبذات الوقت أكدوا قائلين: "لا نرغب أن نرى الفوضى المصرية في بلادنا،" وفق ما قال عضو حزب التكتل مولدي الرياحي. والفوضى المقصودة هنا ليست الفوضى الاقتصادية أو الأمنية، بل السياسية، فالكل داخل أوساط الحكم في تونس، وكذلك في المعارضة، يشددون على ضرورة الوصول بالشرعية إلى مداها.

المحلل الفرنسي، إيريك بنتولو، قال في تصريحات لموقع CNN بالعربية: "كان التونسيون منذ زمن غارق في التاريخ فرادى في الأمثلة، ولا أعتقد أنّ بلادهم تحتاج لمثال مستورد. سنرى أنّ الأمر يتغير هناك، ولكن بنفس الروح التي انطلقت في 14 يناير 2011 وليس 30 يونيو 2013."

الصندوق وقصد إيريك أن مطالب التونسيين في 14 يناير/كانون الثاني 2011 كانت تشدد على أن يختاروا بحرية عبر وسيلة واحدة هي صندوق الاقتراع، ولذلك "سيخرج الإسلاميون، إذا فشلوا في إثبات تونسيتهم، تدريجيا عبر الصناديق.

وأعتقد أن ذلك هو ما شدد عليه الدستور الصغير الاتفاق الذي وقعته الأطراف التونسية قبل الذهاب إلى الانتخابات السابقة." ذلك الدستور، كان إحدى الوسائل المبتكرة التونسية التي على أساسها تتحرك البلاد، فهو يضمن التوافق والتوافق ولا شيء غير التوافق.

لكن علياء المصمودي، وهي ناشطة سياسية في تونس، قالت في تصريحات لـCNN بالعربية: "الشرعية التي تتحدث عنها النهضة انتهت منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2012، أي بعد سنة من الانتخابات الأولى، وهو الموعد الذي تم الاتفاق عليه بين الأطراف السياسية في تونس. لكن ما ترون الآن... النهضة وحلفاؤها مستمرون ويتحدثون بالشرعية.

" ويعود استمرار الائتلاف الحاكم الحالي، وفقا لإيريك، لاتفاق غير معلن بين مكونات المجتمع التونسي بأن لا يخرج الحاكم إلا بواسطة صناديق الاقتراع.

اغتيال بلعيد وفعلا، ففي السادس والعشرين من شباط خرج مئات الآلاف من التونسيين لتوديع الزعيم المغتال شكري بلعيد، وساعتها كانت الحكومة على شفا الانهيار قبل أن تؤدي الأزمة إلى استقالة رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي مما هدأ من الوضع.

ويقول إيريك: "في تقديري رفضت المعارضة الضغط، ولو ضغطت لربما شاهدنا تغييرات هيكلية. لكن شرعية الصندوق هي التي منعتها وجعلتها تتوصل لاتفاق مع النهضة بتغيير الحكومة والإسراع في مناقشة الدستور وإعلان موعد للانتخابات.

ومثلما قال القائد القرطاجني حنبعل "إذا لم نجد حلا سنصنع واحدا." لكن صفحات حركة النهضة تقول إن المعارضة و"فلول النظام السابق" حاولت تنفيذ انقلاب غير أن "سلفيين ولجان حماية الثورة هي التي مسكت البلاد وأنقذت الحكومة."

ولجان "حماية الثورة" التي تأسست على أنقاض لجان شعبية قامت بحماية الأحياء أثناء الثورة، وكان نفسها يساريا ساعتها، هي إحدى الملفات الحارقة في المناقشات بين المعارضة والائتلاف الحاكم بسبب ما ترى أوساط أنها مجرد مليشيات تابعة لحركة النهضة وتستخدم العنف.

وفي مؤشر على تزايد الحراك، أعلن في مدينة صفاقس، ثاني مدن البلاد، عن تشكيل "لجنة حماية الشعب والمواطن،" وتتشكل أساسا من أشخاص يقدمون أنفسهم على أنهم "أبناء الشعب وأن كونهم من أصحاب السوابق لا يعني أنهم غير تونسيين."

وبدأت هذه اللجان في الانتشار في عدد من المدن لتكون الجبهة المعاكسة للجان حماية الثورة، التي تضمّ بدورها عددا من أصحاب السوابق في ظل نظام بن علي، وترفع شعارا لها "ديغاج للنهضة" وهو نفس الشعار الذي رفع في وجه بن علي.

وعلق المحلل الفرنسي بنتيلو قائلا: "في تاريخ الإسلام السياسي، لا تتغير الحكومات إلا بانقلاب أو بشقّ الصفوف، مثلما تم مع حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان، ثم أصبح الحزب الحاكم في تركيا بقيادة مرجعية وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو... التونسيون يرفضون المثال الجزائري الأول وحققوا بعض النجاح في الخيار الثاني عندما انزاح حمادي الجبالي عن الجناح اليميني في حركة النهضة... بقي خيار ثالث قد يساعد أيضا..البلطجة."

وفي انتظار الموعد الذي ضربته حركة تمرد التونسية، يستمر المجلس التأسيسي في إنهاء مناقشات الدستور وتم الإعلان عن البدء في تشكيل لجنة الانتخابات، في مؤشر على أن الحل بات يقترب.

وربما ستكون ساعتها المرة الأولى التي تنجح فيها حكومة إسلامية بقيادة مرحلة انتقالية، والذهاب إلى انتخابات "يفترض أن تكون شفافة وديمقراطية"، وذلك هو أمل جميع الأطراف داخل تونس وربما خارجها.

لكن هناكك بعض الأسئلة التي تبقى معلقة: - هل سيعلن حقا عن موعد انتخابات أم أن الأمر مجرد مناورة؟- إذا تقررت الانتخابات ما الذي سيضمن أن تكون عالمية المعايير؟- إذا فازت حركة النهضة مجددا بالأغلبية هل سيكون المثال المصري حلا أم ستكون النهضة أول حركة إسلامية تنجح في مغامرة السياسة؟


النهاية
الوعی
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: