شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

الهروب التركي الى الامام!

شیعة نیوز/ ينحصر الاجتياح العسكري التركي الاخير للاراضي العراقية، بحقيقتين اساسيتين، يمكن ان تشكلان مع بعضهما نقطة ارتكاز لاية قراءة تحليلية لما يجري على الارض، من حيث الخلفيات والدوافع والاهداف.
رمز الخبر: 12944
15:11 - 13 December 2015
شیعة نیوز/ الحقيقة الاولى، هي ان هذا الاجتياح يبدو وكأنه هروب الى الامام، وتعبير عن ضعف وارتباك لدى صناع القرار السياسي التركي، اكثر مما هو خطوة تعكس قوة وتماسك مواقف انقرة في ظل بحر متلاطم الامواج من المشاكل والازمات التي تعيشها المنطقة، لاسباب وظروف مختلفة، لسنا هنا في وارد الخوض بتفاصيلها. والتي راحت تتمدد بسرعة ووضوح الى اوربا، وتقلق وترعب اميركا.

والحقيقة الثانية، هي ان دخول ثلاثة افواج مدرعة من الجيش التركي الى الاراضي العراقية، لايعد الاول من نوعه، فتركيا اجتاحت الاراضي العراقية، عشرات او مئات المرات، خلال الاعوام الاثني عشر الماضية، تحت حجج وذرائع عديدة، او لها وابرزها، مطاردة متمردي حزب العمال الكردستاني التركي((P.k.k، الذي يتخذ من جبال قنديل قاعدة له، فضلا عن امتلاكه مقرات وقواعد غير قليلة في مدن ومناطق مختلفة من الاقليم، واخرها تمركزه في قضاء سنجار بعد تحريره من تنظيم داعش الارهابي.

وعند التوقف قليلا عند الحقيقة الاولى، لابد من الاشارة الى انه لم تبرز اية متغيرات ومستجدات على قدر من الاهمية والخطورة، يمكن ان تبرر لانقره الدفع بتشكيلات من جيوشها الى عمق الاراضي العراقية. وهذه بلا شك نقطة مفصلية، من الصعب بمكان تجاوزها او القفز عليها لمن يبحث عن جوهر الدوافع والاهداف.

ولعل المتغير الاهم والابرز الذي واجه انقره، هو ما افرزه حادث اسقاط سلاح الجو التركي لمقاتلة روسية من طراز سوخوي-24 ، قبل اسبوعين فوق الحدود السورية-التركية، بدعوى أنها دخلت الاجواء التركية، وتم توجيه عدة تحذيرات ولم يستجب قائدها.

فحادث اسقاط الطائرة الروسية بدلا من ان يعزز وضع تركيا، تسبب في ضغط كبيرا جدا عليها من قبل موسكو، تمثل في جانب منه بزيادة زخم الحملات العسكرية على مواقع المعارضة السورية المدعومة من تركيا، وفرض حظر على دخول البضائع والسلع التركية الى روسيا، والتوقف عن تصدير الغاز الروسي لها-أي لتركيا-وفرض قيود وضوابط مشددة على دخول المواطنين الاتراك لروسيا، الى جانب رفض الرئيس فلاديمير بوتين الرد على اتصالات نظيره التركي رجب طيب اردوغان، ناهيك عن رفض اللقاء به على هامش قمة مؤتمر المناخ الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس اواخر شهر تشرين الثاني-نوفمبر الماضي.

وبينما صرح اردوغان قبل عدة ايام بأن خسارة بلاده لمليار دولار من روسيا لن يؤدي الى سقوطها، اكدت مصادر واوساط اقتصادية دولية ان تركيا تكبدت حتى الان خسائر تقدر بتسعة مليارات دولار بسبب الاجراءات العقابية التي اتخذتها روسيا ضدها في اعقاب بحادث اسقاط طائرة السوخوي-24 الروسية.

ومن زاوية اخرى ينبغي ان نشير الى ان حزب العدالة والتنمية الحاكم، رغم نجاحه في الحصول على اغلبية مريحة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، الا ان زعيمه اردوغان بقي مقيدا ومحاصرا من جهات شتى، فهذا حزب العمال عاد لينشط بزخم اكبر من ذي قبل، وذاك الاتحاد الاوربي يرفض مجددا انظمام تركيا اليه، وهؤلاء خصومه ومنافسيه يرفضون رفضا قاطعا تحويل نظام الحكم من برلماني الى رئاسي، وذاك تنظيم داعش الذي وجد في حكام انقره لقمة سائغة يبتزهم متى ما شاء ليضعهم بأستمرار بين المطرقة والسندان.

وطبيعي انه ليس من المستغرب ولا المستبعد ان يبحث الاتراك عن مهرب من الضغوطات التي يواجهونها، وهذا منهج ربما تكون قد سارت عليه السياسة التركية في مختلف مراحلها ومحطاتها، وافضل طريق واتجاه بالنسبة لانقره، يعد العراق من بوابته الشمالية الرخوة، والتي اعتاد الدخول والخروج منها كثيرا دون عناء ولاوجل ولاخوف.

ومن تلك النقطة، يمكن ان نتوقف ايضا عند الحقيقة الثانية.
وفي هذا الشأن صرح اكثر من مسؤول تركي رفيع المستوى، ومن بينهم رئيس الوزراء احمد داود اوغلو، تعقيبا على ردود الافعال العراقية الرافضة لاجتياح القوات التركية للاراضي العراقية، ان هناك توافقات وتفاهمات مع الحكومة العراقية، وهذا ما نفاه جملة وتفصيلا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتحدى الاتراك ابرز أي دليل يثبت ذلك، وان قوات تركية متواجدة قرب الموصل منذ اكثر من عام، بعلم الحكومة العراقية الاتحادية، وطلب حكومة اقليم كردستان، وان تركيا تريد المساعدة والمساهمة في تحرير نينوى(الموصل) من تنظيم داعش الارهابي.

وعند التدقيق والتمحيص، يتضح ان الوجود التركي في اقليم كردستان غير قليل ولا شكلي. فمنذ عام 1993، أي بعد عامين من خروج الاقليم عن السلطة المركزية في بغداد بعد حرب الخليج الثانية والانتفاضة الشعبية، انشأت خمسة قواعد عسكرية تركية في الشمال بحسب ما يشير السياسي الكردي المقيم في لندن كاوه بيساراني.

واكثر من ذلك فأن حكومة الاقليم لاتنكر ذلك، فالناطق الرسمي بأسمها سفين دزئي يقول "إن تركيا اقامت قواعد في كردستان ونينوى في اطار التحالف الدولي ضد الارهاب". مضيفا انه "في اطار التحالف الدولي ضد إرهابيي داعش، أقامت تركيا أواخر العام الماضي قاعدتين لتدريب وتأهيل قوات البيشمركة في سوران وقلاجولان، وفي الوقت نفسه قامت بفتح قاعدة أخرى لتدريب القوات العراقية في محافظة نينوى".

اضف الى ذلك ان صحيفة حريت التركية كشفت مؤخرا "إن اتفاقا أبرم مطلع الشهر الماضي بين رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير خارجية تركيا الذي قام بزيارة إلى أربيل على انشاء قواعد للقوات التركية في منطقة بعشيقة في الموصل تضم 600 جندي .

وانقرة اليوم لاتقول لم نجتاح الاراضي العراقية عسكريا، ولاتتعهد بالانسحاب، وانما تنفي على لسان رئيس الوزراء داود اوغلو، أن تكون قد وسعت عملياتها العسكرية في شمال العراق بعد أن نشرت جنودا بالقرب من منطقة يسيطر عليها تنظيم داعش، وإن معسكر بعشيقة على بعد ثلاثين كيلومترا شمال شرق الموصل، هو معسكر تدريبي أقيم لدعم قوات المتطوعين المحلية التي تقاتل الإرهاب!.
والاخطر من كل ذلك ما تنقله مصادر خاصة عربية وكردية من الموصل عن حجم التواجد العسكري التركي، لاسيما في معسكر "زيلكان" في اطراف قضاء بعشيقة.
 
فالمعسكر المذكور تم انشاؤه في شهر حزيران-يونيو الماضي، باشراف وتمويل تركي بالكامل، واوكلت مسؤولية ادارته لمحافظ نينوى السابق اثيل النجيفي.ويضم المعسكر، مدرج خاص لهبوط الطائرات، وبعد ثلاثة اسابيع من انشائه استقر فيه اربعمائة جندي تركي، بينهم خمسة وعشرين ضابطا، وخمسة وعشرين ناقلة مدرعة، وثمان دبابات، وومائة وخمسين عجلة دفع رباعي،  وستين ناقلة مدرعة(همر).

وتضيف المصادر الخاصة، بأن لتركيا معسكرات وقواعد عسكرية عديدة في المناطق الخاضعة لهيمنة ونفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وتحديدا اربيل ودهوك، الى جانب المحطات والمراكز الاستخباراتية التي يتمحور عملها بالتعاون والتنسيق مع عدة اطراف، بعضها كردية، وبعضها تركمانية، وبعضها عربية، الى جانب تهيئة الظروف المناسبة للحصول على النفط المهرب من قبل تنظيم داعش بأسعار زهيدة جدا.

وهنا فأن المساومات والتخادمات، هي التي تصيغ واقع العلاقات، وتحدد المسارات، فالحزب الديمقراطي الكردستاني، يتعاون مع الاتراك مقابل دعمه ومساندته في صراعه مع خصومه السياسيين(الاتحاد الوطني الكردستاين وحركة التغيير والجماعة الاسلامية)، والجبهة التركمانية تؤيد كل الخطوات والمواقف التركية في مقابل حصولها على الدعم السياسي والمالي والا علامي والمعنوي، وذاتها حكومة انقرة، لاتستخدم قواتها التي دفعت بها الى الاراضي العراقية لقتال داعش، لانها تحصل على النفط من الاخير بأسعار زهيدة، ناهيك عن اسباب اخرى، وهكذا.

والمتضرر الاساسي من لعبة المساومات والتخادمات، هو الشعب العراقي، ومنع ذلك الضرر او الحد منه على اقل تقدير، يتطلب مواقف حازمة وحاسمة، موحدة ومتجانسة، مدروسة ومحكمة، واذا كان الخيار العسكري لايجدي نفعا، لاسيما وان العراق غير قادر على فتح جبهات صراع عسكري، فأنه لابد من تحريك وتفعيل الخيارات الاقتصادية والسياسية والاعلامية والدبلوماسية تجاه تركيا، واستثمار عوامل الشد والضغط الاقليمي والدولي ضدها، وبغير ذلك فأن الجيوش التركية اذا تمركزت اليوم في اطراف الموصل، فغدا ربما ترابط على حدود كركوك!.     

عادل الجبوري

الوکالهَ الشیعیهَ للانباء
کلمات دلیلیة: عراق امام داعش السوریهَ
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: