شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

شمال مالي بين الحرب الوشيكة وتشابك مصالح الأطراف الخارجية

تأتي زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون» إلى مالي، وفي ذات الإطار يأتي إقرار الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» بحصول جرائم ارتكبتها بلاده في الجزائر، أي محاولة إقناع الجزائر بالمساهمة في الحرب الوشيكة.
رمز الخبر: 1062
16:25 - 08 November 2012
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز :
 
شیعة نیوز: يثير الوضع في شمال مالي قلق دول الجوار في منطقة الساحل والصحراء الإفريقيتين كما المجتمع الدولي. وتتسارع الخطى للقيام بعملية عسكرية لا تبقي ولا تذر تسعى الولايات المتحدة كما فرنسا إلى إقناع الجزائر بالانخراط فيها.

وفي هذا الإطار تأتي زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية «هيلاري كلينتون» إلى مالي، وفي ذات الإطار يأتي إقرار الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولاند» بحصول جرائم ارتكبتها بلاده في الجزائر، أي محاولة إقناع الجزائر بالمساهمة في الحرب الوشيكة.

جماعة "أنصار الدين"

فأمريكا كما فرنسا مقتنعتان بأن نجاح أي عملية عسكرية أو سياسية غير ممكن من دون ضمان الدعم الجزائري، وتسعى واشنطن إلى إغراء الرئيس «بوتفليقة» وصناع القرار في نادي "الصنوبر" عبر التعهد بفتح حوار مع الحركات الطوارقية سواء تعلق الأمر بـ"أنصار الدين" أو حركة تحرير أزواد، وذلك لترتيب مرحلة ما بعد نجاح التدخل العسكري وطرد الجماعات الاسلامية المتشددة التي ستقتصر الحرب عليها بحسب واشنطن من دون المساس بحركات التحرر الطوارقية. كما تسعى واشنطن إلى إيجاد حل لمشكلة الحكم في باماكو، واستبعاد أي تدخل عسكري غير إفريقي في المنطقة.


وهناك خلاف بين الجزائر وفرنسا حول جماعة أنصار الدين، التي تمثل المصالح الجزائرية في المنطقة وترغب فرنسا في استبعادها من أية مفاوضات حول الحل السياسي. كما ترغب باريس في فرض حركة تحرير أزواد كممثل وحيد لسكان الإقليم نظرا لأنها مرتبطة بالمصالح الفرنسية، بينما تمثل الحركة الوطنية العربية مصالح موريتانيا في المنطقة.

لذلك فإن هناك اختلافات كبيرة في المواقف بين الجزائر وفرنسا وموريتانيا، فبينما تتحدث الجزائر عن مشكل طوارقي يمتد من جنوبها والى الغرب الليبي وشمال النيجر، يتحدث الفرنسيون والموريتانيون عن إقليم أزواد المتعدد الأعراق "طوارق عرب سنغاي وفلان". وجميع هذه الدول تبحث عن موطئ قدم في المنطقة بعد طرد الجماعات الاسلامية المتطرفة.

انقسامات

ويشهد الداخل المالي في الجنوب انقسامات بين عدة تيارات ما قد يعيق التدخل العسكري في الشمال المتمرد على السلطة المركزية في باماكو. إذ يوجد تيار المنقلبين على الرئيس السابق، وتيار رئيس الوزراء «ديارا»، وتيار الرئيس المؤقت، بمعنى أن الحكم هناك يتم بثلاثة رؤوس ولا يمكن تجاوز ذلك إلا بإجراء انتخابات نزيهة وتنصيب حكومة ديمقراطية. فهناك بالفعل فوضى داخل دوائر السلطة في مالي، لأن القرار بيد عدة جهات، والمسؤولون الحكوميون لكل واحد منهم ولاء لجهة ما، ودول غرب إفريقيا لم تستطع إرغام الجيش على الانسحاب من الحياة السياسية وبقي قائد الجيش سانكو وأتباعه يمارسون بعض صلاحيات الرئيس، ورئيس الوزراء على خلاف مع الرئيس المؤقت حول العديد من القرارات.

ويرى الجيش المالي بأنه طرف رئيسي في العملية السياسية ويحمل مسؤولية ما وقع في الشمال إلى الرئيس السابق «توماني توري» الذي لم يشركه في القرار السياسي بشأن الحرب ولم يجهزه بما فيه الكفاية خوفا من الانقلاب عليه.

ولم يستطيع إمداده بالوسائل اللازمة إبان إعلان الطوارق الحرب على مالي. كما كان توماني يعتمد على التدخل الجزائري والليبي في عهد «القذافي» لإخماد أي حركة طوارقية في الشمال، فالقذافي رحل والجزائر أرادت أن يدفع توماني توري ثمن ولائه للنظام الجماهيري في طرابلس خلال السنوات السابقة ولم تعد تثق فيه.

الجماعات الجهادية

ويشار إلى أن الجماعات الجهادية التي أصبحت الذريعة للتدخل الغربي في المنطقة هي، بحسب كثير من المراقبين، جزء من سياسة فرضتها الجزائر وليبيا في عهد القذافي على الإقليم للتحكم فيه من جهة، ومن جهة أخرى لإقناع الغرب بأن بلديهما يواجهان تحديات إرهابية على الحدود وبالتالي التغاضي عن دعم مطالب الإصلاح في كلا البلدين.

ولا يمكن في هذا المجال تجاهل الدور الذي قام به القذافي لإطلاق سراح بعض المختطفين الغربيين في المنطقة لتلميع صورته غربيا، ولا تحذيرات الجزائر من مخاطر الجماعات الإرهابية في المنطقة على أمن جنوب المتوسط ودورها في محاربة الارهاب. ويؤكد محللون أن هناك تقارير كثيرة تشير إلى علاقات وثيقة تربط بين بعض الشخصيات القيادية في الجماعات الإرهابية في الساحل والأجهزة السرية في الجزائر المتعددة والمتنافسة فيما بينها.

ويرى محللون بأن جبهة تحرير أزواد الطارقية صاحبة المطالب العادلة قد تجاوزتها الأمور ولم تعد تسيطر على أي شيء. والسبب في ذلك هو سيطرة التنظيمات الجهادية على الإقليم وسقوط عراب هذه الجبهة الرئيس الفرنسي السابق «ساركوزي» في الانتخابات الأخيرة.

والجبهة منقسمة الآن بين عدة جهات وإن بدت متحدة، جهة تتبع «محمد ولد عبد العزيز» رئيس موريتانيا وتدين له بالولاء، وجهة تتبع عدو هذا الرئيس وهو مستشار موريتاني يدعى «مصطفى ولد الإمام الشافعي» يعمل لدى الرئيس البوركيني، وهو للإشارة مطلوب بمذكرة دولية وجهها الرئيس الموريتاني للأنتربول لكنه يحظى بدعم كبير من قبل المعارضة الموريتانية في الداخل. بينما انضم عدد من أعضاء الحركة الى جماعة أنصار الدين الجهادية.

أفغانستان جديدة؟

ويخشى الغرب كما دول جوار الصحراء الكبرى من أن يتحول إقليم أزواد إلى أفغانستان جديدة في حال لم يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة في مالي شمالا وجنوبا أي في باماكو وفي أزواد. فالحل العسكري لن يجدي لأن الحرب لن تكون بين جيشين نظاميين يتواجهان، بل حرب عصابات قد تمتد لسنوات، وستكون المنطقة جاذبة للجماعات الجهادية من البلدان المغاربية وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، كما إن الجيش الإفريقي ليس متمرسا في الحرب الصحراوية عكس هذه الجماعات. وإذا ما تم تنفيذ غارات جوية ضد هذه الجماعات وأصيب عدد من سكان المنطقة فإن خطر انخراط الأهالي إلى جانب الجماعات الجهادية وارد.

كما إن المخزون الطاقي الكبير الذي تتوافر عليه المنطقة يحرك الأطماع الغربية، وهناك صراع مصالح بين عدة دول وجهات وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة، كما إن "إسرائيل" التي انقضّت في السابق على يورانيوم النيجر الذي تضمه أرض الطوارق في هذه البلاد لديها أيضا أطماع وتسعى للولوج إلى الصحراء الكبرى من بوابة الدفاع عن حق الطوارق في تقرير المصير، ودول الجوار المغاربية والإفريقية هي أيضا لاعب أساسي في الصراع الدائر هناك منذ أمد بعيد والذي أريد له أن يصبح حديث وسائل الإعلام فقط في الآونة الأخيرة لغاية في نفس صناع القرار الغربيين.
 
المصدر: الانباء
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: