شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

إسقاط بشار الأسد: من قرّر؟ متى؟

إنه قرار متخذ منذ سنتين على الأقل. وذلك لمصلحة اسرائيل. والبريطانيون فاتحوني بالمشروع قبل اندلاع أي مواجهات عنفية في سوريا»!أصدقاء قريبون من المسؤول الفرنسي السابق لفتهم هذا الكلام. فحفظوه حتى أخذتهم الأيام الماضية إلى باريس. فكان لقاء وثناء واستفسار واستزادة.
رمز الخبر: 10081
15:49 - 11 February 2014
SHIA-NEWS.COM  شیعة نیوز:

في ذروة التهديد الأميركي بقصف سوريا، في الأسبوع الأخير من آب الماضي، على خلفية مزاعم استخدام السلاح الكيماوي، وفي حمأة الكلام الغربي عن أن اجتياز ذلك «الخط الأحمر» سيكون المسبّب الحتمي لإسقاط النظام في دمشق، ظهر صوت مخالف فاضح في الإعلام الغربي. على مدى ايام قليلة، أطلّ سياسيّ فرنسي عتيق، خبير في شؤون أوروبا ومنطقتنا، على أكثر من أربع شاشات أوروبية. وفي إطلالاته تلك كافة، أصرّ على تكرار ما اعتبره حقيقة ملموسة وموثقة لديه: «إسقاط نظام بشار الأسد، لا علاقة له بمسألة استخدام الكيماوي أو عدم استخدامه.

إنه قرار متخذ منذ سنتين على الأقل. وذلك لمصلحة اسرائيل. والبريطانيون فاتحوني بالمشروع قبل اندلاع أي مواجهات عنفية في سوريا»!أصدقاء قريبون من المسؤول الفرنسي السابق لفتهم هذا الكلام. فحفظوه حتى أخذتهم الأيام الماضية إلى باريس. فكان لقاء وثناء واستفسار واستزادة.

روى السياسي الفرنسي أن معرفته بالنيات الغربية حيال سوريا وحكمها، تعود إلى مفارقة حدثت معه مطلع العام 2011. كان زين العابدين بن علي قد رحل عن تونس، وحسني مبارك قد سقط. وكانت الأزمة في ليبيا قد بدأت. غير أن الأمور كانت لا تزال هادئة على حذر في دمشق. في تلك الأيام القليلة الفاصلة عن الجولات «الربيعية» الجديدة، وصلت إلى مكتب الرجل في باريس دعوة للمشاركة في طاولة بحث مغلقة. الموضوع: الشرق الأوسط. المكان لندن. المشاركون مجموعة من أهل القرار الغربيين. رحّب الرجل ولبّى. هناك بين الجدران اللندنية المقفلة، تبدّلت الصورة وتبلورت أكثر حقيقة الدعوة. فالحضور لم يكن أوروبياً على مستوى تحضير القرارات الكبيرة وحسب، بل اضيفت إليه مشاركة أميركية وازنة، والأهم حضور اسرائيلي نافذ. أما المفاجأة الكبرى فكانت لجهة موضوع البحث: لا الشرق الأوسط عموماً، ولا التطورات الراهنة وآفاقها المحتملة بشكل ضبابي. بل سوريا تحديداً. وبشكل أخص كيفية تكوين تحالف أميركي ــــ أوروبي ــــ اسرائيلي، هدفه إسقاط دمشق في أسرع وقت. حتى أن النقاشات انتقلت سريعاً إلى الخيارات العملية والوسائل الميدانية. قبل أن يبدو أن ثمة توافقاً على اعتماد خيار مرجح: اجتياح عسكري للأراضي السورية ينطلق من الأردن… كان ذلك قبل أن تنطلق أول تظاهرة سلمية في درعا، تلك المدينة السورية القائمة على مرمى حجر من معابر الحدود السورية ــــ الأردنية.

وسط حماسة المشاركين وشيء من مزايداتهم، طلب السياسي الفرنسي الكلام. عبارات قليلة منه كانت كافية لتبديل الأجواء السائدة حول الطاولة السرّية، ولإظهاره وحيداً خارج «سرب الهجوم»: لماذا نريد إسقاط سوريا؟ ولصالح أي بديل مقبل؟ سؤالان طرحهما الرجل، على طريقة التساؤل الذاتي المنهجي، أو التفكير بصوت عال. سرت همهمات. البعض عبّر عن امتعاضه من إعادة البحث إلى نقطة الصفر، فيما هو شارف خلاصاته. بعض آخر حاول التغاضي عن المنطق التشكيكي المستجدّ. لكن مشاركاً اسرائيلياً أصر على التعامل مع السؤالين برحابة صدر متكلّفة، وعلى الرد بالتفصيل والتفنيد، على أمل الإقناع الأكيد.

روى المسؤول الفرنسي السابق لأصدقائه، أنه سمع كلاماً مفاده، أن ها هي اللحظة التاريخية الملائمة. إنه الأوان أو لا آن بعده. فاسرائيل لم تكن يوماً أقوى مما هي الآن، ولن تكون. وأعداؤها لم يكونوا يوماً أضعف مما هم الآن، ولن يصيروا. وبالتلي إنها اللحظة التي لم تسنح من قبل، وقد لا تأتي من بعد، لتوجيه الضربة القاضية. ثم إن اسرائيل، ومعها كل الغرب الجالس حول تلك الطاولة البريطانية، قد بلغت قناعة راسخة ونهائية لا شك فيها ولا تراجع عنها: لا تسوية ولا صلح ولا سلام مع ثقافة «القومية العربية». وبالتالي لا بد من القضاء على هذه. ولا مناص من استئصال عناصرها ومرتكزاتها من محيط اسرائيل ومن رؤوس الناس في تلك المنطقة. وفي تفصيل تاريخي لم يعرف ما إذا كان من حرفية الاسرائيلي أو من معرفة الفرنسي، تابع الأخير راوياً: هم يعتبرون ويعرفون أن لتلك الثقافة القومية في منطقة الشرق الأوسط ثلاث عواصم، هي بالفعل ثلاث قواعد راسخة لهذا الفكر. القاهرة عاصمة الفاطميين، بغداد عاصمة العباسيين، ودمشق عاصمة الأمويين. قال الاسرائيلي فيما الأميركيون والأوروبيون يستمعون: سقطت القاهرة، لكن يجب أن تسقط أكثر. ونحن من أسقط بغداد، ويفترض أن نسقطها أكثر. ويجب الآن أن تسقط دمشق!

أحسّ السياسي الفرنسي بمدى التصميم والتعنّت لدى «واعظه»، فتجنّب مناقشته مباشرة. لكنه حاول نقله إلى مستوى آخر سائلاً: وماذا بعد سقوط سوريا؟ ما الذي يضمن عدم تحوّل تلك اللحظة «صندوق باندورا» يفلت كل شرور المنطقة على كل ما ومن فيها وحولها؟

ابتسم الاسرائيلي معقّباً: تقصد الإسلاميين؟ لا مشكلة معهم إطلاقاً… قبل أن يتابع المسؤول الفرنسي تحليله لما سكت عنه المشارك الصهيوني: كأنهم أفضل حلفاء موضوعيين لهم. كأنهم يعتبرونهم أفضل «سلاح دمار شامل» لضرب البلدان المحيطة بهم. كأنهم يفكرون أن أكثر الأنظمة العربية استبداداً، كم كانت محصلتها الدموية؟ مئات المعارضين؟ آلاف السجناء السياسيين؟ يمكن لأي مجموعة أصولية تكفيرية إرهابية أن تعادل هذا الرقم في غضون أيام. فكيف إذا حُول الصراع إلى حرب استنزاف؟ ختم السياسي الفرنسي شهادته.

هي ليست نظرية المؤامرة تطفو مجدداً إلى رؤوسنا المهددة بالقطع. وهي قطعاً ليست براءة ذمّة مرفوضة ومستحيلة لأنظمة البؤس والموت في السجن العربي الكبير. لكن من يقرأ تسلسل أحداث تلك الأجندة الخفية: من مذكرة باراك أوباما السرية في 12 آب 2010، معلناً لخليّة أزماته السرية أن واشنطن قررت تغيير وجه الشرق الأوسط بعد أسابيع، إلى الاتفاق الدفاعي الاستراتيجي بين فرنسا وبريطانيا، أو اتفاق «لانكاستر هاوس» في 2 تشرين الثاني من العام نفسه، وما فيه حول نقاط العالم الساخنة، إلى وثيقة حلف الأطلسي وثلثها عن مقاربة «الأزمات المقبلة»، في 19 من الشهر نفسه… ليزهر بعد أيام قليلة ــــ وفجأة ــــ ربيع تونس، ولتكرّ بعده السبحة… إنه الكثير من المصادفات كما يقول المنطق. وإن كان الكثير من الثورات حقاً يستخدمه باطل، كما يعلم التاريخ.

النهاية
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: