شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

الوهابيون هناك.. القوقاز ساحة حرب حقيقية

الوضع الحالي، ونحن على بعد نحو تسعة أسابيع من «الأولمبياد»، يتأرجح إعلامياً، بين التطمينات الرسمية الروسية من أعلى المراجع، وتوعدات أمراء المجموعات القوقازية المتطرفة باستهداف الألعاب بتفجيرات إرهابية. ذلك فيما تتحول الجمهوريات الإسلامية الروسية القريبة من مدينة سوتشي، إلى ساحة حرب يومية بين العصابات الإسلامية المنظمة، والشرطة والقوات الخاصة الروسية.
رمز الخبر: 9039
17:13 - 08 December 2013
SHIA-NEWS.COM شیعه نیوز:

جولة شعلة «سوتشي 2014»، هي الأطول في تاريخ الألعاب الأولمبية الشتوية، حيث تقطع أكثر من 55 ألف كيلومتر في 130 مدينة. ومن المقرر إشعالها في ملعب سوتشي الأولمبي، في 7 شباط 2014، خلال حفل افتتاح دورة الألعاب، التي وصفت بأنها الأكثر بذخاً في التاريخ. إلا أن الهمّ الأول لعشرات آلاف الضيوف من مختلف أنحاء العالم، سيكون الأمن. أمن المدينة، وسكانها، وضيوفها، والوفود المشاركة.

الوضع الحالي، ونحن على بعد نحو تسعة أسابيع من «الأولمبياد»، يتأرجح إعلامياً، بين التطمينات الرسمية الروسية من أعلى المراجع، وتوعدات أمراء المجموعات القوقازية المتطرفة باستهداف الألعاب بتفجيرات إرهابية. ذلك فيما تتحول الجمهوريات الإسلامية الروسية القريبة من مدينة سوتشي، إلى ساحة حرب يومية بين العصابات الإسلامية المنظمة، والشرطة والقوات الخاصة الروسية.

ذلك الواقع يلخص له جزئياً موقع «روسيا ما وراء العناوين»، وتبرزه مواقع «جهادية» قوقازية كـ«بطولات»، من العملية الانتحارية في فولفوغراد، إلى أعمال الشغب في بيريليوفا، واحتلال الإسلاميين المتطرفين للمساجد هنا وهناك، والسيارات التي ترفع أعلام «تنظيم القاعدة» في العاصمة التتارستانية قازان من دون مساءلة، وشعارات «الموت للكفار» العلنية، وأشياء مماثلة. ولا يخفي مراقبون روس أن تلك دلائل تشير إلى أن «الإسلام السياسي، أصبح جزءاً من الواقع الروسي».
ويتخذ الطرفان، الإدارة الروسية الفدرالية والمتطرفون الإسلاميون، من الألعاب الأولمبية، محطة هامة لما تشكله من أهمية إعلامية عالمياً. الشرطة الروسية تبذل قصارى جهودها لمنع أي حادث مخل بالأمن في المدينة التي تغيرت جغرافياً وديموغرافياً إلى غير عودة، والمتطرفون يتوعدون بجحيم آت. وتشهد مناطق ومدن الجمهوريات الإسلامية مواجهات يومية بالأسلحة الحربية بين المتطرفين والشرطة الفدرالية، بالترافق مع استمرار الحملة العسكرية الروسية المنظمة لمحاولات اجتثاث ما تسميه بـ«الإرهاب» في القوقاز.
ومن اللافت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتــين وقع قانوناً يقــضي باتخاذ تدابير جديدة تهدف إلى مكافحة الإرهاب، من شأنه «استحداث آلية لتعويض الخسائر التي ألحقها الإرهابيون، وذلك على حساب أقربائهم». كما ينص القانون على حكم بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً بحق من يشكل تنظيما إرهابياً. وكان مجلس الدوما الروسي (البرلمان) قد تبنى القانون في 25 تشرين الأول الماضي، ثم صادق عليه مجلس الاتحاد في 30 منه. ويقضي القانون بصورة خاصة بتعويض الخسائر الناجمة عن ارتكاب عمل إرهابي على حساب الشخص الذي ارتكب تلك الأعمال أو أقربائه أو ذويه.
كما يقضي القانون في الوقت نفسه بإمكانية فحص شرعية الممتلكات التي بحوزة أقرباء الإرهابيين وذويهم. ويمنح جهاز الأمن الفيدرالي الحق بالطلب من ذوي الإرهابيين تقديم معلومات عن شرعية الأموال والمداخيل والممتلكات وغيرها من المواد الثمينة المتوفرة لديهم.

وقد تحولت الأقاليم وعواصمها مسرح عمليات للمتشددين، بعبوات ناسفة في وسط محج قلعة (مخاتشكلا)، باستهداف منظم لمتاجر الكحول والمطاعم التي تقدمها، باستهداف للمواطنين ومتاجرهم، بهجمات يومية على الشرطة في قرى داغستان، وعصابات تحتمي بتلال قزيليورت، وباكسان. إنشاء معامل لتصنيع العبوات الناسفة في ستافروبل، ونالتشيك، أحزمة ناسفة لانتحاريين استطاعوا اختراق الإجراءات الأمنية المشددة. عبوات ناسفة في قبردينو ـ بلقاريا. اعتقالات بالجملة. مئات القتلى والجرحى في جمهوريات تتعايش مع الرعب اليومي.

وتختزن روسيا المترامية الأطراف، إلى جانب العمليات الحربية ضد الشرطة الروسية والمدنيين، تصاعداً ملحوظاً لدعوات إقامة «خلافة إسلامية». من على أحد المنابر يقول فاديم سيدروف الذي نصب نفسه أميراً على المنظمة القومية لمسلمي روسيا «فورم»، وسمى نفسه بـ«هارون الروسي»، «يجب إدراك أن العالم الإسلامي يتجه نحو الخلافة، لا ينبغي الخوف من ذلك. فالخلافة بالنسبة للمسلمين، هي وحدة وتكامل بين أخوة الدين». إلا أنه أفلت من قبضة السلطات وفرّ، بعدما اعتقلت قوات الأمن مقربين منه، بينهم مكسيم بيدق «سلمان الشمال»، وغريغوري مافروف «أمير حمدان المالكي»، زعيما جناح المنظمة في سان بطرسبورغ.

وقد حذّر مفتي تتارستان إلدوس فائزوف ونائبه ولي الله يعقوبوف من أن «الوهابيين يخترقون عالم الأعمال والجهاز الحكومي ويجدون من يرعاهم ويموّلهم». وقد اعترف وزير داخلية تتارستان، أرتيوم خوخورين، بـ«حقيقة عقد صلات بين بعض المسؤولين والحكام المحليين من جهة والوهابيين من جهة أخرى». لكن هذا الاعتراف جاء متأخراً. فقد انتشرت الشركات الوهابية وتجذرت في جميع الجمهوريات الإسلامية، وكذلك في كبريات المدن الروسية.

فمن قازان وإيلابوغا، إلى العاصمة الداغستانية، وحتى في تيومين وعاصمة القياصرة سان بطرسبورغ، إسلاميون ينصبون أنفسهم أمراء جماعات ومنظمات، ويصدحون على منابرهم أثناء تجمعات المسلمين وتظاهراتهم بـ«الخلافة الإسلامية». ويترافق ذلك مع احتلال مساجد من قبل وهابيين متشددين، من مسجد أليتيفسك (تتارستان)، إلى كراسنوأوفيمسك (سفيردلوفسك)، إلى مسجدين في بوتورستان وعبدواللينو (أورينبورغ). كما تعيّن الجماعات المتطرفة الأئمة وتقوم بطرد المفتين، وملاحقة من يدعون إلى الإسلام التقليدي. وقد بات ذلك ظاهرة جماعية في روسيا. ويصرح فريد سلمان، مفتي دائرة يامالو- نينيتسكي ذات الإدارة الذاتية، بأن الوهابيين يأتون إلى المساجد مسلحين بالسكاكين والخناجر، ويوصلون إلى المفتي رسالة، مفادها أنه إذا ما قام بانتقادهم فسيُضاف اسمه إلى قائمة الستين شخصية إسلامية الذين تمت تصفيتهم.

وقد حذّر الأستاذ المساعد في «جامعة العلوم الإنسانية الموسكوبية الحكومية»، رومان سيلانتييف، من أن «لامبالاة المجتمع الروسي وعدم تحليه بالمسؤولية المطلوبة أدت إلى نشوء وهابية أممية في روسيا، هي شكل من اتحاد المجرمين والمتعصبين والمتطرفين الدينيين والمستجدين في اعتناق الدين». ويعتبر أن «ذلك كله يسمح بانتقال مركز التطرف الديني من القوقاز إلى مناطق الفولغا والأورال وسيبيريا، ثم إلى بقية المناطق الروسية. وهكذا تتحول البلاد بكاملها إلى منطقة خطر إرهابي شديد. يتم ذلك بمساعدة لوبي عظيم التأثير في أجهزة الدولة، يدعم الإسلاميين المتطرفين».
من جهتها، تحاول روسيا الالتفاف إعلامياً، وقد برز ذلك مع إعلان وزير الداخلية الروسي فلاديمير كولوكولتسيف أن «عدد الأعمال الإرهابية في روسيا انخفض بمرتين في غضون ثلاث سنوات بفضل جهود وزارة الداخلية بالتعاون مع هيئة الأمن الفدرالية». وقال كولوكولتسيف إنه «يجب بذل قصارى الجهود من أجل الحيلولة دون وقوع أي عمل إرهابي جديد، لأن أي جريمة من هذا النوع تثير قلق المجتمع وخوف المواطنين على أقاربهم، وتقوض الثقة في أجهزة الأمن»، لافتاً إلى أن «قوات الشرطة قطعت دابر نشاط نحو 400 عصابة تضم ممثلي مجموعات عرقية معينة، ومعاقبة 1187 من قادة هذه العصابات أو الأعضاء الناشطين فيها»، مشيراً إلى «إنشاء قسم خاص في إطار الإدارة العامة للتحريات الجنائية يعمل على التحقيق في نشاط العصابات الإثنية».

«التبريد الإعلامي»، الذي يؤكد إرساء الأمن في القوقاز، والجمهوريات الإسلامية، يأتي قبيل أحد أهم الأحداث الرياضية، التي تتخذ الإدارة الروسية الحالية منه محطة لإثبات نجاح الحملة العسكرية المستمرة في المنطقة. ذلك فيما تبالغ الدعاية الرسمية في إظهار حجم الإنفاق المالي، والفخامة التي ستميز تلك الألعاب، وأدق التفاصيل المتعلقة بها.

إلا أنه لا مؤشرات واقعية تفيد بإمكانية القضاء على الجماعات والمنظمات المتمركزة في الجبال خلال المدى المنظور. ويأسف مراقبون لـ«التساهل الروسي، لوقت طويل» مع تلك المنظمات التي تنامت وكبرت، وباتت تصدّر المقاتلين إلى سوريا، وغدا من المتعذر القضاء عليها بتصريح من هنا أو بمشروع قانون من هناك.

النهآية
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: