شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

هل السعودية تقترب من نهايتها؟

إن الوضع الداخلي السعودي يبدو الآن شديد الشبه بما نال الاقطار العربية التي طالتها ظواهر «الربيع العربي». و ربما نلمح في الوضع السعودي الراهن سمات تخص الوضع السعودي على النحو نفسه الذي نلمحه في الوضع الخاص بكل بلد اجتاحته ظاهرة «الربيع العربي» قبل ذلك. فإن لكل قطر عربي خصائصه الداخلية التي تجعله يتفاعل بشكل مختلف عن غيره مع هذه الظواهر
رمز الخبر: 5405
13:20 - 23 April 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:

حقق التحالف السعودي الأميركي غايات لم يكن يطمح في تحقيقها قبل عشر سنوات او عشرين عاماً. استطاع خلال السنوات الاخيرة ان يبرهن على قدرته الفائقة على اعادة تشكيل منطقة الشرق الاوسط على النحو الذي يرضي الطموحات السعودية و الأميركية في جوانبها الإستراتيجية و الاقتصادية و السياسية.

نجحت الولايات المتحدة في ان تخلق تقارباً غير مسبوق بين المملكة السعودية و إسرائيل. اختفى كلياً خطر المواجهة، و من اي نوع، بين المملكة و إسرائيل، حتى في اقصى درجات تصل اليها المواجهة بين إسرائيل و أي من الاطراف العربية، و بصفة خاصة الطرف الفلسطيني. وصلت «العلاقات» بين المملكة السعودية و إسرائيل الى درجة من الوئام لا حاجة فيها الى بحث شكل رسمي او شبه رسمي للعلاقات بين الدولتين. و من المؤكد ان صعود الإخوان المسلمين الى الحكم في مصر قد ساعد كثيراً في تمكين العلاقات السعودية - الإسرائيلية من تحقيق درجة الوئام و الهدوء على الرغم من ان العلاقات السعودية الاخوانية لم تتميز بتطور نحو الأفضل على الصعيد السعودي نفسه. إنما من المؤكد ان الموقف الذي اتخذه الاخوان المسلمون في الحكم في مصر تجاه كل من الولايات المتحدة و اسرائيل قد ساعد كثيراً على إضفاء نوع من الشرعية على العلاقات السعودية - الاسرائيلية في شكلها الجديد.

في الوقت نفسه فإن صعود «الإخوان المسلمين» الى الحكم في مصر جاء ضمن تطورات في المنطقة العربية تمت تحت تأثير التحالف السعودي - الاميركي الذي بلغ اقصاه في خلق الواقع الجديد الذي اسماه الاميركيون ـ نعم التسمية اميركية خالصة ـ «الربيع العربي». و ربما تكون ظاهرة «الربيع العربي» قد تجمدت عند حدود تونس و مصر و ليبيا، بينما لا تزال المحاولة جارية في سوريا و اليمن، الا ان الولايات المتحدة تبدو قانعة بأن المنطقة العربية بأسرها و بلا استثناء اصبحت تدخل في اطار النفوذ الاميركي، على الرغم من شواهد عدم الاستقرار التي تبدو في كل من مصر و ليبيا و تونس و اليمن، فضلاً عن شواهد فشل ظاهرة «الربيع العربي» في إخضاع سوريا بصورة حاسمة و نهائية.

غير أن أخطر ما يواجه التحالف السعودي - الاميركي الآن هو الوضع الداخلي السعودي ذاته.

إن الوضع الداخلي السعودي يبدو الآن شديد الشبه بما نال الاقطار العربية التي طالتها ظواهر «الربيع العربي». و ربما نلمح في الوضع السعودي الراهن سمات تخص الوضع السعودي على النحو نفسه الذي نلمحه في الوضع الخاص بكل بلد اجتاحته ظاهرة «الربيع العربي» قبل ذلك. فإن لكل قطر عربي خصائصه الداخلية التي تجعله يتفاعل بشكل مختلف عن غيره مع هذه الظواهر.

و حينما نتحدث عن الوضع الداخلي السعودي فإننا ينبغي ان نتنبه الى ان الولايات المتحدة تشكل جزءاً من هذا الوضع الداخلي. لأن الولايات المتحدة تلعب دوراً جوهرياً و عميقاً في الامن السعودي و في التوجهات السعودية السياسية التي تشكل هذا الوضع الداخلي. و لهذا يبدو الآن أن الوضع الداخلي السعودي اصبح يشكل مصدر قلق للولايات المتحدة اكثر من اي وقت مضى، بعد ان كان اطمئنان الحكم الاميركي على الوضع السعودي يسمح للولايات المتحدة بأن ترتب اوضاع المنطقة المحيطة بالسعودية، و نعني بصفة خاصة أقطار الخليج العربية.

و مما لا شك فيه ان الاوضاع السعودية و أوضاع اقطار الخليج العربية تتبادل التأثير في الظروف الراهنة. السعودية تتأثر حتى داخلياً نتيجة اهتزاز الاوضاع في بلدان مثل البحرين و الامارات، كما تتأثر بميل قطر المبالغ فيه لمنافسة السعودية على دور قيادي مؤثر في المنطقة ككل، و ربما في ما هو اوسع من هذه المنطقة.

الا ان التطورات الداخلية السعودية تلعب اكثر الادوار تأثيرا في اقطار الخليج على الرغم من اتخاذ كل من هذه الاقطار مواقف تدّعي الاستقلالية، بينما الكل يقع تحت المظلة الاميركية التي تؤدي في الوقت نفسه دور الحماية و دور المستفيد معاً.

فما هي التطورات الداخلية السعودية التي تهدد التحالف السعودي - الاميركي؟

كتب المحلل السياسي الاميركي سايمون هندرسون في هذا الصدد يقول «على الرغم من ثروة المملكة العربية السعودية و الاعانات السخية التي تقدمها لسكان البلاد لا يزال ثمة تباين اقتصادي هائل بين ابناء الشعب. و منذ اندلاع الاحتجاجات في انحاء كثيرة من العالم العربي في العام 2011 زادت الحكومة إعانات الدعم و الرواتب الحكومية لتخفيف حدة السخط الداخلي. ولكن لا يزال هناك الكثير من الاستياء. كما انه في احد اطراف المملكة توجد اجزاء من مجتمعات الاغلبية السنية التي يشتبه في تعاطفها مع تنظيم «القاعدة». في حين توجد على الطرف الآخر ثورة مستعرة من جانب الإقلية الشيعية، الذين يُنظر اليهم تقليدياً من قبل السنة المتشددين كمواطنين من الدرجة الثانية، و ربما حتى على انهم غير لائقين بالاسلام. و في وقت سابق من هذا الشهر اعلنت السلطات السعودية عن اعتقال ستة عشر شيعياً، و اتهمتهم بجمع المعلومات عن المنشآت الهامة في المملكة لمصلحة بلد آخر، و هي عبارة يفترض انها تعني ايران.

«و أشار هندرسون في السياق نفسه الى انه في 15 آذار الماضي، أرسل الشيخ سلمان العودة، صاحب التأثير الكبير، خطاباً مفتوحاً على صفحاته في «فيس بوك» و «تويتر» حيث يقال إن لديه أتباعاً يصل عددهم الى 2,4 مليون شخص، حذر فيه العائلة المالكة من الظلم و الفساد الذي تتبعه. و كان الدافع الى ارسال هذا التحذير الخطير في هذه الرسالة هو حادث وقع في الاسبوع السابق، عندما حُكم على اثنين من النشطاء السياسيين البحرينيين بالسجن بعد محاكمة استمرت سبعة اشهر، لنشرهما انتقادات "کاذبه" للحكومة السعودية من خلال وسائل الاعلام الاجتماعية. و على الرغم من التعتيم الذي فرض على القصة برمتها من قبل وسائل الاعلام (الرسمية) أرسل النشطاء انفسهم تغريدات عن طريق موقع «تويتر» حول تفاصيل القضية. و في الوقت نفسه استؤنفت محاكمة ناشط آخر، و هذه المرة بتهمة إهانة القضاء و التحدث الى وسائل الاعلام الاجنبية و الاتصال بمنظمات حقوق الانسان الدولية التي تعمل كمؤسسات رقابة.

و من الواضح ان ما كتبه الاميركي هندرسون يتعلق أساساً بأوضاع الديموقراطية و المآزق التي تعاني منها في السعودية. ولكن ما كتبه المحللون الاميركيون في الفترة الاخيرة عن ظواهر الفساد في المملكة السعودية يكاد يتجاوز ذلك. فخلال العقود الاخيرة كان عدد كبير من افراد البيت المالك السعودي محلاً للشكوى بسبب حصولهم على فوائد مالية استناداً الى وضعهم الملكي، فضلا عن تعاملهم بنمط سلوكي يتسم بالتعالي. و في هذا الصدد اقيمت في شهر آذار/مارس الماضي دعوى قضائية في بريطانيا رفضت فيها احدى محاكم لندن دعوى لتوفير الحصانة الديبلوماسية لشخصين سعوديين بارزين يحتلان موقعاً بارزاً في هيئة البيعة التي تلعب دوراً اساسياً في تحديد ملك السعودية القادم. و في خضم هذا التشاحن القانوني ظهر نزاع تجاري بين الأمراء و شريك سابق لهم في مجال الاعمال من الجنسية الاردنية، ما دفع القاضي البريطاني الى توجيه نقد حاد للعائلة المالكة السعودية. و تضمن قرار القاضي ان العديد من امراء السعودية، الذين يبلغ عددهم نحو خمسة آلاف أمير، يحصلون على جوازات سفر ديبلوماسية و يسمح لهم بتجنب كافة الامور المتعلقة بإجراءات الهجرة العادية لدى وصولهم الى بريطانيا.

و ليست هذه القضية سوى مثل واحد بين امثلة عديدة على الحرج الذي تمثله امتيازات الامراء السعوديين للدول الاخرى، بما فيها الدول الحليفة للسعودية. و يشمل هذا الولايات المتحدة، التي يعرف القاصي و الداني انها تتوخى الحذر بشأن تقديم النصائح السياسية الى المملكة السعودية و خاصة في ما يتعلق بالمشكلات الداخلية. مع ذلك فإن هذا الحذر الاميركي تجاه امراء المملكة السعودية لا يصل الى حد تجاهل القوانين الاميركية. و قد ذكر السفير الاميركي جيمس سميث مؤخراً ان هناك ثلاث ركائز للعلاقات الثنائية (بين الولايات المتحدة و المملكة السعودية) هي امن النفط و الاستقرار و مكافحة الارهاب، اما الضغوط المتعلقة بحقوق الانسان و التغيير السياسي فقد كانت غير منتجة.

بالإضافة الى هذا كله فإن اهمية السعودية النفطية للولايات المتحدة توشك على بلوغ نهايتها بعد ان تبين ان الولايات المتحدة تملك احتياطياً نفطياً هائلاً يعد بتحولها الى دولة مصدرة للنفط. الامر الذي يقصر اهمية السعودية على الجانب الإستراتيجي العسكري، بل ان هذا الجانب نفسه يصبح معرضاً للتراجع و الزوال بسبب ارتباطه بالحاجة الى النفط. لهذا فإن ما يصفه الكاتب الاميركي هندرسون بأنه «عاصفة كاملة من التحديات الداخلية في المملكة العربية السعودية» انما ينذر بما هو اخطر تأثيراً على العلاقات السعودية - الاميركية من مستقبل العلاقات النفطية و مستقبل العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

لقد استطاعت الولايات المتحدة ان تصون النظام الملكي السعودي لنحو قرن من الزمان من خلال العلاقات النفطية و الإستراتيجية معه. و طوال هذه الفترة واجهت الولايات المتحدة تحديات محدودة في هذه المنطقة من الوطن العربي، ولكنها ستجد نفسها في هذه المرة في مواجهة تحديات لم يسبق لها مثيل.

ذلك لأن سقوط المملكة السعودية سيذهب معه بالنظام النفطي السائد في المنطقة ككل. لن تستطيع أي من أقطار النفط الخليجية ان تحافظ على بقائها. و لن يكون من مصلحة الولايات المتحدة أن تقف الى جانب النظم القديمة لمجرد الاستمرار. بل إن الولايات المتحدة نفسها ستكون دولة اخرى ذات ملامح و مصالح مغايرة لملامحها و مصالحها الحالية.

لهذا فإن التحالف السعودي - الاميركي، بصورته الراهنة، يقترب من الزوال بأسرع مما هو متصور.

انتهی
المصدر:احرار
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: