شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

النخلة العراقية، قتيلة الحروب والإهمال

لعل النخلة، أيقونة العراق وسيدة أشجاره، كانت أبرز ضحايا ما مر به هذا البلد على مدى الـ32 عاماً الماضية. فقد بات الحديث العراقي عن زهوها وأمجادها كحديث العرب عن فراديسهم المفقودة وحضاراتهم المنقرضة، حديث تعتريه الشجون ويطفح فيه حنين عارم الى ماضٍ لا تلوح في أفق الحاضر علامات تحمل بشرى عن إمكان استرجاعه.
رمز الخبر: 4082
13:36 - 18 February 2013
SHIA-NEWS.COMشیعة نیوز:

لم تسفر الحروب التي خاضها العراق منذ 1980 ولغاية 2003 ـ اذا ما افترضنا أنه لم يخض حرباً بعد 2003 عن حصد أرواح البشر فقط، بل ان العديد من عناصر الحياة العراقية تعرضت للإبادة جرّاء تلك الحروب. وسقطت مفردات كانت تشكل ركائز اجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية يقف عليها سقف الوطن العراقي، بفعل نيران الأسلحة وبفعل السياسات العسكرية وسياسات داخلية أخرى، من دون أن يتهيأ لتلك الركائز المنهارة الظرف الملائم والاهتمام الجاد لإعادة إحيائها وزجّها في الحياة مرة أخرى. ولعل النخلة، أيقونة العراق وسيدة أشجاره، كانت أبرز ضحايا ما مر به هذا البلد على مدى الـ32 عاماً الماضية. فقد بات الحديث العراقي عن زهوها وأمجادها كحديث العرب عن فراديسهم المفقودة وحضاراتهم المنقرضة، حديث تعتريه الشجون ويطفح فيه حنين عارم الى ماضٍ لا تلوح في أفق الحاضر علامات تحمل بشرى عن إمكان استرجاعه.

خدعة بصرية!
السائر اليوم في المناطق العراقية التي يُزرع فيها النخيل ـ مناطق الوسط والجنوب ـ بإمكانه الحصول على مناظر من غابات نخيل كثيفة تتوزع بين أرياف تلك المناطق ومدنها، ولكن ليس على حد سواء بالطبع. فللأرياف الحصة الأكبر بطبيعة الحال، إلا ان ذلك لا ينفي وجود بساتين نخيل داخل المدن. فالعاصمة بغداد على سبيل المثال، تحتضن بساتين نخيل عدة، حتى في مركزها وليس على أطرافها فقط. ولعل بساتين نخيل قريتي «عرب جبور» و«البو عيثة» التابعتين لمنطقة «الدورة» من أشهر تلك البساتين، فضلاً عن أخرى صغيرة تتوزع في بعض المناطق المركزية في بغداد، ومنها «القادسية» و«العطيفية» و«الكرادة». وتستبشر عين الرائي بمناظر نخيل أكثر كثافة عند المرور بمناطق أطراف العاصمة والخروج منها نحو محافظات الوسط والجنوب، ولا سيما المحافظات القريبة من بغداد، كديالى وبابل وكربلاء والنجف، إذ تزخر الطرق الخارجية الرابطة بين تلك المحافظات بغابات نخيل كثيفة تقع على جوانبها لمسافات طويلة. ويمتد وجود النخيل من المحافظات المذكورة باتجاه الجنوب وإن بشكل غير متواصل، إلى حيث تقع المحافظة التي كانت في يوم ما موطن أجود أصناف النخيل في الكرة الأرضية كلها وليس في العراق فقط، أي محافظة البصرة. وتمتد بنسبة أقل مساحات من بساتين النخيل في المحافظات الغربية والشمالية. لكن وجود النخلة يكاد يكون معدوماً في إقليم كردستان، ولا سيما اربيل ودهوك، لعدم ملاءمة المناخ في تلك المحافظات لزراعة هذه الشجرة.

تلك المشاهدات التي تبعث على الاعتقاد بأن النخلة العراقية ما زالت في أحسن أحوالها، سرعان ما تتلاشى عندما تواجه لغة الأرقام الناطقة بلسان حال النخيل. وتختلف أحاديثها الواردة في البحوث والدراسات المعدّة لهذا الشأن، لكنها تتفق على محصلة نهائية بأن حال النخلة العراقية ليس على ما يرام، وأن عاملين أساسيين يقفان وراء التدهور الذي عانته وتعانيه: الحروب والإهمال.

انتهی.
المصدر: السفیر
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: