شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

أوباما وخيانة الديمقراطية في البحرين

مع عالم يشاهد نقاطًا ساخنة أخرى في الشرق الأوسط، الحكم الملكي في البلاد يواصل قمع المعارضين المناهضين للسلطوية - والبيت الأبيض يغض الطرف.
رمز الخبر: 3305
15:29 - 22 January 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز :

شیعة نیوز: من أصل ست دول عربية هزتها المطالب الشعبية من أجل الديمقراطية عندما اندلع الربيع العربي قبل عامين، كانت البحرين الأسهل لتنسى. وفي تناقض حاد مع تونس ومصر وليبيا، واليمن - حيث أطيح بالطغاة - (أو حتى سوريا، بحربها الأهلية الجارية)، قامت الملكية السلطوية في البحرين بسحق المعارضة الديمقراطية. فمن أصل ست دول  ترزح تحت وطأة الحماس الثوري، البحرين الأصغر في الحجم وعدد السكان، معظم سكانها البالغ عددهم 1.3 مليون نسمة ( نصفهم من غير المواطنين) يعيشون في الجزيرة القاحلة الجافة إلى حد كبير التي تبلغ حوالي ثلث مساحة ولاية رود آيلاند. إنها ليست غنية مثل جيرانها الخليجيين الصغار،  كالكويت، والإمارات العربية المتحدة، وصادراتها النفطية اليوم هي في المرتبة 48 في العالم. من بين دول الشرق الأوسط العربي، قد تكون البحرين الأكثر اعتمادًا على الجارة القوية، السعودية - التي تدخلت عسكريًا في آذار/مارس 2011 لإنقاذ ملكية آل خليفة المحاصرة  والتي لا تحظى بشعبية.

ولكن مع تصاعد مشاكل البحرين فإن لديها ورقة جغرافية استراتيجية رابحة وهي موقعها. فبروزها في وسط الخليج، أقل من 100 ميل عن إيران، جعلها تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي، دعامة الأمن البحري في المنطقة والقوة الموازنة التي لا غنى عنها في وجه طموحات إيران في الهيمنة الإقليمية.

وبالتالي، البحرين هي حليف استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة. وهكذا، التعبئة النشطة في الشوارع لأكثر من ربع مواطني البحرين أصبحت ما تسميه قناة الجزيرة "الثورة العربية التي تخلى عنها العرب، هجرها  الغرب، ونسيها العالم."

منذ أن خرج البحرينيون  إلى الشوارع في 14  شباط/فبراير 2011  للمطالبة بإعادة النظر في الدستور والانتقال إلى الديمقراطية، واجهت الولايات المتحدة مثالًا حادًا ومؤلمًا للتوتر الكلاسيكي بين المصالح الأمنية والشواغل الأخلاقية. بسبب عدم اطمئنانه العميق حول وضعه الأقلي كنظام ملكي سني يسيطر على الأغلبية المسلمة الشيعية، قام نظام آل خليفة بالرد على الاحتجاجات السلمية في دوار اللؤلؤة في العاصمة المنامة، بالقوة. ففي "الخميس الدامي"، 17 شباط/فبراير، داهمت قوات الأمن التابعة للملك حمد المتظاهرين في جوف الليل، فقتلت أربعة وجرحت نحو 300.

مبدئيا، كان المتظاهرون يطالبون "فقط" بالحرية والديمقراطية، والمساواة (والتي كان من الممكن الاحتفاظ  بالملكية على أساس دستوري جديد، مع صلاحيات محدودة).

حتى العديد من البحرينيين السنة (من خارج النخبة الحاكمة المرموقة) نظموا المسيرات التي تهدف إلى المساءلة والعدالة. على وجه الخصوص، كانت الأغلبية الشيعية في البحرين متعبة من العيش كمواطنين من الدرجة الثانية، مهمشة تماما في توزيع السلطة والثروة. التناقض بين الأحياء السكنية التعيسة ذات الكثافة السكانية العالية وبين القصور والأراضي المترفة العائدة للعائلة المالكة موثق بشكل واضح. قبل خمس سنوات، استخدم الناشطون البحرينيون غوغل إيرث لعرض عشرات الصور لممتلكات العائلة المالكة على الأقمار الصناعية، الكثير منها جزر خاصة، تزخر بالقصور، وحمامات السباحة الفخمة والحدائق المورقة، واليخوت، وحتى ملعب غولف خاص، وحلبة سباق، وأرض للصيد. وعلى الرغم من ذلك، كان من الممكن التوصل إلى اتفاق تقاسم السلطة  لو كان النظام قد رد على احتجاجات 2011 بالمفاوضات بدلًا من القمع.

وعلى كل حال، كان يقال إن الملك حمد، الذي تولى العرش في عام 1999 كمصلح سياسي؛  وولي عهده سيبقون في ميل نحو المرونة، وأن البنية الرسمية للبرلمان المنتخب قد سمحت للمجتمع الشيعي السياسي المعتدل،الوفاق، للفوز بـ 18 مقعد من أصل 40 في مجلس النواب مؤخرا في عام 2010.

فإذا كان الإصلاح السياسي والتسوية التفاوضية خيارا عندما اندلعت الاحتجاجات في شباط/فبراير 2011، فإنها لم تكن حتى في ذهن نظام الحكم في السعودية - أو حلفائها البحرينيين المتشددين مثل رئيس الوزراء ورئيس الديوان الملكي. النظام السعودي حريص للغاية على الاستقرار في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حيث يعيش معظم الثلاث ونصف مليون  شيعي سعودي تقريبا، وحيث يشكل الشيعة غالبية سكانها. بالنسبة لبيت آل سعود، فإن احتمال وجود حكومة يهيمن عليها الشيعة في البحرين لا بد أن يزيد شبح تصعيد المطالب من أجل المساواة والكرامة من الأقلية الشيعية في السعودية.

الخميس الدامي في البحرين أبرز دوار اللؤلؤة ولكن بالغضب الشعبي الملتهب. بعد خمسة أيام، نزل أكثر من 100 ألف بحريني (ما يقرب من 15 في المئة من السكان الأصليين) إلى مسيرة لتكريم المتظاهرين الذين قتلوا. وعندما تصاعدت الاحتجاجات في الحجم والكثافة، قدم الملك حمد تنازلات متواضعة، ولكنها متواضعة جدا ومتأخرة جدا. وبحلول ذلك الوقت، كانت الغالبية الغاضبة في البحرين تريد حلًا لا يقل عن ملكية دستورية بحتة، وكان المتشددون يدعون إلى وضع حد لنظام الحكم. وعندما تصاعدت الاحتجاجات أكثر في آذار/مارس 2011، دعا النظام الملكي مجلس التعاون الخليجي المهيمن عليه سعوديًا للحصول على المساعدة. وفي الصباح الباكر من يوم 17  آذار/مارس، وقف 5 آلاف جندي، مدعومين بدبابات وطائرات هليكوبتر في طريق المتظاهرين الذين قد عادوا سابقًا إلى دوار اللؤلؤة. فاعتقلوا أكثر من ألف، بما في ذلك العديد من قادة حركة حق، التي انفصلت عن جمعية الوفاق احتجاجا على دستور 2002، والقرار الأخير للمشاركة في الانتخابات. ومن بين القادة المعتقلين في حركة حق كان زعيمها حسن مشيمع، وأستاذ الهندسة الهادئ الطباع والناشط في مجال حقوق الإنسان، عبد الجليل السنقيس.

حملة 17 آذار/مارس كانت ضربة مدمرة للتطلعات الشعبية الديمقراطية في البحرين، وانزلاق إلى أعماق جديدة من القمع. كانت هناك حالة من الطوارئ  وضرب المرضى في المستشفيات، واعتقالات على نطاق واسع للعاملين في مجال الصحة، والحرمان من الرعاية الطبية للجرحى وموجات جديدة من الاعتقالات للمعارضين السلميين، والقصاص الاقتصادي والرقابة على الصحف ووسائل الإعلام الاجتماعية، وتفشي وحشية الشرطة إلى حد أن الـ بي بي سي سمتها "جزيرة الخوف".

ما سبق ذكره هو قرينة لما أكدته محكمة الاسئناف العليا في البحرين يوم الاثنين بالحكم بالسجن مدى الحياة لسبعة بحرينيين متهمين بالتآمر ضد الحكومة، بما في ذلك مشيمع، السنكيس، وعبد الهادي الخواجة، المؤسس المشارك لمركز البحرين لحقوق الإنسان (وهو يملك جنسية دنماركية أيضا)، والذي قام في شباط/فبراير عام 2012 بالإضراب عن الطعام لمدة 110 أيام  بعد اعتقاله وتعذيبه.

استخدام الأجهزة الأمنية البحرينية للتعذيب ضد المعتقلين كان واسع النطاق وممنهجًا، ويهدف إلى معاقبة، وإذلال، وكسر روح قادة الاحتجاج. ففي 19 أيار/مايو 2012، أصدر عبد الجليل السنقيس بيانًا مروعًا من 22 صفحة يتضمن تفاصيل سوء معاملته. وللتلخيص: في الصباح الباكر من يوم 17 آذار/مارس 2011، قامت مجموعة من الرجال الملثمين باقتحام منزله، ضربوه وعصبوا عينيه، واقتادوه بالقوة إلى مكان مجهول دون أمر قضائي باعتقاله.

وهناك، تعرض AJ  (كما يسميه أصدقائه الغربيون)،  إلى جانب 13 من زملائه من نشطاء الشيعة للضرب والاستجواب، والاعتداء الجنسي وتم احتجازهم في زنزانة بلا نوافذ مساحتها 2 بـ 3 متر لخمسين يومًا تقريبًا. خلال هذه الفترة تم استجوابه دون تمثيل قانوني أو معرفة جريمته المزعومة. وبينما كانوا يعذبوه بالصدمات الكهربائية وحرمانه من الطعام والماء، والنوم، سجنوا أيضا ابنه الأكبر واستجوبوه. السنقيس الكبير في السن والذي لديه شلل جزئي منذ ولادته، منع من تلقي الاحتياجات الصحية الأساسية وأجبر على الوقوف على الساق السليمة لوحدها لساعات دون عكازه. وقد رفضت السلطات مرارًا وتكرارًا السماح له بالقيام بطقوس صلاته على الطريقة الشيعية وهددوه بالاغتصاب، واغتصاب بناته وزوجته. ومن معرفتي القريبة والشخصية للسنقيس (رجل متواضع وكريم  كان زميلًا في سمرز هيل درابر في مركز ستانفورد للتنمية والديمقراطية، وسيادة القانون)، ليس لدي أي شك في أن ادعاءاته صحيحة.

وقد قامت منظمات حقوق الإنسان بتوثيق حالات أخرى كثيرة من هذا النوع. وكذلك فعلت لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق، التي أنشأها الملك في 29 حزيران/يونيو 2011، وتتألف من شخصيات دولية محترمة. وقد وجدت أن هناك  "ممارسة ممنهجة" لـ  "التعذيب وغيره من سوء المعاملة الجسدية والنفسية،" فضلا عن "ثقافة الإفلات من العقاب" لمرتكبيها. وفي حين أن بعض توصياتها للإصلاح البنيوي التي تم تبنيها رسميا لم يتم تنفيذ أكثرها بعد، على الرغم من النداءات المستمرة من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين للـ "الحوار والمصالحة والاصلاحات الملموسة" (كما قالت وزيرة الخارجية كلينتون قبل أسبوعين من صدور تقرير اللجنة في 23  تشرين الثاني/نوفمبر، 2011).

للأسف، حتى بعد تمثيلية العدالة الهزلية الأخيرة يوم الاثنين، البحرين لا تزال " مهجورة من قبل الغرب". فالولايات المتحدة - التي لم ترد على تأكيد عقوبة السجن المؤبد الاخيرة يوم الاثنين -- كان تصدر من وقت لآخر بيانات تعرب فيها عن قلقها إزاء الاعتقالات والإدانات، ولكنها كانت دائما تصاغ  بطريقة مهذبة ولم تكن بحجم القضية التي يجب معالجتها. "صفحة الوقائع حول علاقات الولايات المتحدة مع البحرين،" الصادرة عن وزارة الخارجية  والتي تم تحديثها آخر مرة في آب/أغسطس، مدحت البحرين على أنها "شريك حيوي للولايات المتحدة في مبادرات الدفاع" و "حليف رئيسي لحلف شمال الاطلسي" (كما تمت تسميتها رسميا عام 2002). والشيء الذي بالكاد يكون مرئيا في هذا الفيض هو الاستمرار اللطيف في لغة بأن هناك حاجة ضرورية "للإصلاح والمصالحة".

الديمقراطية الأقوى في العالم هي قصة قديمة في السياسة الخارجية. فنحن بحاجة إلى وجود أمني كبير في الخليج الآن، اكثر من أي وقت مضى. ولكن نحن لسنا بحاجة لشراء الصياغة الكاذبة للنظام بأن الأمر صراع طائفي لتأليب حليف أمريكي مخلص ضد الطابور الخامس الايراني. يجب أن لا نقلل من قيمة الأوراق التي لدينا. البحرين والسعودية تهدد مباشرة من قبل إيران أكثر مما نحن عليه، وهم بحاجة إلى وجود الأسطول الأمريكي الخامس الذي يشكل عامل استقرار على الأقل بقدر ما نحن بحاجة إليه، فالولايات المتحدة، ترى مصلحة الأمن القومي في وجودها هناك. وكما كان الحال في كثير من الأحيان عندما تصطدم المصالح مع المبادئ على المسرح العالمي، نتراجع بسرعة كبيرة جدا نحو الشك، والفشل في ممارسة الحد الأقصى من نفوذنا.

الوضع في البحرين ليس فقط غير عادل تماما، بل هو أيضا لا يطاق. عاجلا أم آجلا ستثور الأغلبية المظلومة والغاضبة مرة أخرى، وعندما تفعل ذلك، فان غضبها وخيبة أملها العميقة سيتم توجيهها إلى الولايات المتحدة أيضا. سناقيس البحرين كانوا شركاءنا الطبيعيين في السعي من أجل الحرية في العالم العربي، وخذلناهم.توقعنا شيئا أفضل من باراك أوباما بعد أن أعلن في القاهرة في حزيران/يونيو 2009 أن الحرية والديمقراطية وسيادة القانون "ليست أفكارًا أمريكية فحسب؛  بل إنها حقوق الإنسان. وهذا هو السبب في دعمنا لهم في كل مكان" في البحرين، والكثير من العالم العربي، ولكن هذه لا تزال مجرد كلمات.


المصدر: جام نیوز
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: