شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

أشرفت على 21 عملية انتحارية في بغداد أنا متعطّش للدماء لكنني لست جزّاراً

أبو عبد الله من القلائل الذين ينتمون الى تنظيم "داعش" ولايزالون محتجزين أوعلى قيد الحياة
رمز الخبر: 12773
18:09 - 25 July 2015
فُتحت البوابة الثقيلة للسجن ببطء شديد، ظهر الحرّاس من خلفها وهم يحاولون التأكد من التراخيص الرسمية لطاقم الصحيفة الذي يريد مقابلة أهم عناصر تنظيم "داعش" المعتقل لدى الحكومة العراقية.

في الساعة العاشرة مساءً، دخل الفريق الى السجن في بغداد، الذي كانت تحيطه الجدران الخرسانية البالغ طولها أربعة أمتار، في الخارج كانت عربة هامفي أمريكية الصنع مزودة بمدفع رشاش أوتماتيكي تنتظر الطاقم الصحافي بعد الانتهاء من المقابلة الصحافية.

 
داخل السجن ببغداد، كان الحرص على عدم إعطاء اسم السجن ومكانه كشرط لإجراء الحوار مع المدعو أبو عبد الله، الرجل الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، العامل لسنوات في صفوف تنظيم "داعش" بوصفه رئيساً للحركات اللوجستية ومشرفاً على الهجمات الانتحارية التي ينفذها التنظيم في بغداد حصراً.
أبو عبد الله من القلائل الذين ينتمون الى تنظيم "داعش" ولايزالون محتجزين أوعلى قيد الحياة، فمعظمهم إما يقوم بتفجير نفسه لحظة اعتقاله، او ابتلاع كمية من الأدوية للانتحار، وكثير منهم من يتجنب إلقاء القبض عليه، الغالبية منهم يفقدون الحياة جراء الاشتباكات مع القوات الامنية، لكن ابو عبد الله الملقب بمهندس الموت، أمره مغاير تماماً.
مهندس الموت، لم يكن لديه من الوقت الكافي لقتل نفسه لحظة الاقتحام لاعتقاله، إذ تم اعتقاله في أواخر حزيران من العام الماضي، وهو يشرف على صناعة العبوات الناسفة في أحد معامل التنظيم المتطرف، اذ كان متنكراً في زي عامل لمرآب السيارات وبدا مظهره مثيراً للدهشة، هذا الرجل يتحدث اليوم من داخل السجن عن العمليات التي نفذها بتخطيطه.
الصحيفة حصلت على معلومات من وزارة الداخلية العراقية عن المدعو أبو عبد الله، فالمحققون يتحدثون عن ظهور اسمه مراراً في هيكلية تنظيم "داعش" بالعراق، اذ خدم بشكل سري في التنظيم.
حاول تنظيم "داعش" قبل استيلائه على مدينة الموصل العام الماضي، تقسيم المسؤوليات، أبو عبد الله، يعتبر المسؤول المباشر عن التفجيرات الانتحارية في بغداد، ويعمل في العاصمة منذ فترة طويلة وله مكانة في صفوف التنظيم، فهو لطالما رافق الانتحاريين لحظه تفجير انفسهم لاستدلالهم على الاهداف المراد ضربها، فضلاً عن تجهيزهم بالمعلومات.
طلب الصحيفة الالمانية لإجراء حوار مع قيادي مثل أبو عبدالله يتطلب موافقة الداخلية العراقية وأمنها، اذ استجابت للطلب بعد شهور طويلة، لأسباب أمنية معروفة بالعاصمة.
وجرت المقابلة في الليل لانخفاض حركة المرور في الشارع، وبالتالي انخفاض الخطر، لانه قد تكون بوابات السجون مستهدفة من قبل انتحاريين، وهذه الحوادث تحدث بالعراق كثيراً.
الدخول الى السجن، كان وفق جدول زمني ويتحلى بسرية عالية، لأن قوات الشرطة الجنائية تعلم جيداً ان المعتقل لديها خَطِر جداً، لذلك المقابلة معه يجب ان تكون مدروسة.
خلال حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، كان الفساد في أعلى مستوياته، لدرجة ان أخطر إرهابيي تنظيم "داعش" هربوا من السجون، ناهيك عن تكرار حالات الهروب الجماعي من السجون في ظل تلك الفترة.
فساد القضاة والسياسيين وضباط الشرطة، أيضاً عوامل ساعدت على قبول الرشاوى من قياديي التنظيم، ويقول محقق في الشرطة برتبة نقيب، شدد على عدم ذكر اسمه، "نحن نعلم ان تأخير اوراق المتهمين في مراكز الشرطة، يعني أنهم سيخرجون ويفلتون من الإعدام، لذلك كنا نسرع في إرسال أوراقهم الى المحاكم لمنع الخروج من التوقيف قدر الإمكان".
ويضيف المحقق، ان الوضع الإداري الحالي في وزارة الداخلية ولاسيما قضايا المتهمين بالارهاب قد تحسن عن السابق بعد تولي حيدر العبادي مهام رئاسة الوزراء.
ووفقاً لأحد المحققين، فإن الشرطة العراقية وجهاز المخابرات يعملون ضد تنظيم "داعش" وفق قوانين حربية، فالتنظيم لايعتمد هذه الاساليب العسكرية الكلاسيكية، إذ يعتمد على التفخيخ وتفجير الانتحاريين الذين يستهدفون أحياء بغداد والمساجد والاسواق ونقاط التفتيش والمطاعم.
ويقول نقيب الشرطة الذي يدعى الصفار ان التنظيم المتطرف يتفنن بالتفخيخ ولاسيما تفخيخ السيارات، فهو يعمل بشكل متطور بحيث يدمر كل شيء بعد الانفجار، ولا يتركون وراءهم أدلة تفيد بالتحقيق او كيف تمت صناعة العبوة او الصواعق المتفجرة.
المحقق في قضية المتهم أبو عبد الله المتورط في تفجيرات كبيرة وكثيرة في بغداد، يقول ان المتهم لم يُحكم عليه بالإعدام ما دام انه يتحدث عن أعماله، فالمحقق يريد ان يكشف أبو عبدالله المزيد من الخيوط التي قد تقود للتنظيم وبقية الخلايا الموجودة في بغداد.
الشرطة والمخابرات يؤكدان على انهما لم يستخدما التعذيب كأسلوب لانتزاع الاعترافات من المتهم، وهذا ما اكده المحقق ونقيب الشرطة الصفّار، الذي اشار الى وجود كاميرات مراقبة اثناء التحقيق ومن الممكن ان تطلع عليها وزارة الداخلية للتأكد من وجود اعمال تعذيب بحق المتهم.
المحقق يقول، ان المتهم وهو يتكلم عن نشاطه في بغداد وكيف نفذ هجمات انتحارية فيها عبر مسلحين يعملون لدى تنظيمه، يمكن التأكد ان التحقيقات التي اجرها الطب العدلي بعد التفجيرات، لها صلة باعترافات المتهم ابو عبدالله، اذ يعتقد غالبية المحققين، ان شهادة ابو عبدالله بشأن التفجيرات الحاصلة في بغداد دقيقة للغاية، وفقاً لحديثهم للصحيفة.
ووصف مستجوبو أبو عبدالله بالمتعب، وهو مسؤول ما لا يقل عن 21 هجوماً انتحارياً في بغداد، مخلفاً بذلك مئات الضحايا المدنيين. كان يحدد الاهداف ويرسل الانتحاريين الذين غالباً ما يرتدون الاحزمة الناسفة او السيارات المفخخة.
وأجاب محقق في قضية المتهم ابو عبدالله الملقب بـ(مهندس الموت)، على سؤال حول ما اذا كان المتهم نادماً على أفعاله او لا؟ فقال المحقق "هو غير نادم على أي شيء".
وبعد مواصلة الاسئلة مع المحققين وعناصر شرطة من قبل طاقم الصحيفة، انتظاراً لوصول المتهم لغرض الحوار معه، اجاب عناصر الشرطة لطاقم الصحيفة متسائلين "لماذا لا تسألون صاحب الشأن بأنفسكم؟".
وصل أبو عبدالله الى الغرفة المخصصة لإجراء الحوار، كان يرتدي بدلة صفراء ومعصوب العينين بقماشة بنية اللون غامقة جداً، أزالها اثناء جلوسه بثوان. في هذه الغرفة بقي الباب مفتوحاً وعنصران من افراد الشرطة بقيا واقفين يراقبان الحوار.
شبيغل: ما هي المعايير التي تستخدمها لاستهداف المواقع الخاصة بك؟
أبو عبدالله: استهدف أكبر قدر من الناس، ولاسيما ضباط الشرطة والجنود والمجتمع الشيعي.
شبيغل: ما نوع الأماكن المستهدفة؟
أبو عبدالله: نقاط التفتيش للشرطة والأسواق والمساجد الشيعية في مناطقهم.
شبيغل: هل أنت نادم على قتل هؤلاء الناس؟
أبو عبدالله: الشيعة كفار ويجب قتلهم وأنا على يقين من ذلك.
شبيغل: لكنهم مسلمون مثلك.
أبو عبدالله: وهذه فرصتهم ليعلنوا التوبة ويصبحوا سُنّة.
شبيغل: كم عدد الهجمات التي نفذها التنظيم بإشرافك؟
أبو عبدالله: لا أتذكر، ولكن في الربع الاخير من العام الماضي، اي قبل اعتقالي نفذنا 15 سيارة مفخخة، استخدمنا فيها مادة الـ " C4" وبضعة متفجرات موضوعة في مواد بلاستيكية. فضلاً عن استخدامنا بارود قذائف المدفعية، ووضعه في الاحزمة الناسفة، فهذا المسحوق له تأثير كبير في حال تفجيره.
صار الوقت متأخراً جداً بالليل، وبات الحوار اكثر حماسة، المناخ كان حاراً جداً في السجن، اذ لا توجد سوى مروحة تعمل ببطء، وكان ابو عبدالله يمسح عرق جبينه بين الحين والآخر بعصابته التي كانت ملتفة حول عينيه قبل لقائنا به.
سَكَتَ لفترة وجيزة، وبدأ يحصي عدد الهجمات التي نفذها، فقال انها تجاوزت 19 هجمة في الاشهر الثلاثة الاولى من السنة الحالية، متحدثاً عن هذه الإحصائيات بصوت هادئ، في محاولة منه لعدم الغوص في التفاصيل.
شبيغل: كيف تختار الرجال الذين يريدون تنفيذ العمليات الانتحارية؟
أبو عبد الله: أنا لم اختر أحداً، المخططون العسكريون هم من يحددون لي الانتحاريين، وهؤلاء المخططون هم في التسلسل الهرمي أكبر مني شأناً.
وبشكل عام، الانتحاريون كانوا يأتون من الفلوجة، وكنت مسؤولاً عن عملية انتحارية اخيرة قبل اعتقالي، حيث دربت الرجال في ورشة عمل ببيتي لإرسالهم الى الهدف الصحيح.
شبيغل: هل اتصل بك ذوو الانتحاريين بعد علمهم بموت ابنائهم ؟
أبو عبدالله: ليس من مسؤوليتي أن أتابع أهل الانتحاريين.
شبيغل: ما هي هويات الانتحاريين، أو من أين تأتي بهم ؟
أبو عبدالله: معظمهم من المملكة العربية السعودية وتونس والجزائر، وكل عشرة انتحاريين يقابله انتحاري عراقي واحد، وهناك اثنان من الغربيين واحد استرالي الجنسية والآخر ألماني يدعى أبو القعقاع الألماني.
وانتحاري اسمه احمد، من منطقة "إينبيتال شمال راين"، ألماني الجنسية يبلغ من العمر 21 عاماً تركي الاصل، انضم الى تنظيم "داعش" تحت هذا الاسم وفي غضون اشهر، بدأ يريد تنفيذ عملية انتحارية، اذ كان للتو طالباً في المدرسة الثانوية، وتغير تغييراً جذرياً.
كان احمد يوزع نسخ القرآن في المناطق الألمانية، سافر الى سوريا عبر تركيا، ومن هناك انضم الى التنظيم المتطرف لحين وصوله الى العراق، اذ نفذ هذا الانتحاري هجمات على نقاط التفتيش العراقية في 19 حزيران عام 2014.
شبيغل: الانتحاري الالماني كما هو واضح لا يتحدث العربية ويجيد الانكليزية فقط، كيف كنت تتفاهم معه؟
أبو عبدالله: كان يفهم بضع كلمات، فضلاً عن أننا وفرنا له لقطات وصوراً لمواقع الاستهداف وكان قريباً من مكان التفجير، لذلك نفذ الأمر بسرعة.
وتساءل أبو عبدالله، الناس سوف تعلم ان الانتحاري ألماني الجنسية، فحتى الالمان يأتون الى بغداد لتفجير انفسهم؟، أليس هذا جهاداً؟
ويمضي ابو عبد الله الى القول، احمد اعطاني شعوراً بالنشوة، بعد ان اعتنق الاسلام وترك الديانة المسيحية، شعر ابو عبدالله بالقرب منه كما يدعي، فهو نموذج للمسلم الحقيقي، وفقاً لتعبيره.
واستدرك ابو عبدالله وقال مصححاً معلومة "احمد لم يكن مسيحياً، هو مسلم ألماني ومن الشيعة وتحول الى السنة وهو في عمر 16 عاماً، اذ تم تجنيده من قبل واعظ".
ويؤكد أبو عبد الله، انه أحد اقارب زعيم "عصائب اهل الحق" وكان شيعياً ومن ثمّ اصبح سنياً في ما بعد.
ويقول ابو عبدالله ان هدفه كان تنفيذ عملية انتحارية على احد مقرات "عصائب اهل الحق" الرئيسية، إلا انه فشل في مرات عديدة.
وتعتبر عصائب اهل الحق من اقوى الفصائل المسلحة التي تحارب مسلحي "داعش" الآن ضمن قوات الحشد الشعبي.
شبيغل: التدفق المستمر من الرجال الى ورشة العمل الخاصة بك في منزلك، ألم تكن مصدراً لجذب الانتباه ؟
أبو عبدالله: نحن نعلم ذلك، فكان الرجال عاديون جداً، يرتدون ملابسهم الطبيعية ولا يطلقون لحاهم، لذلك كنا نسمح للرجال بارتداء الـ " تي شيرت" وتمشيط شعرهم.
شبيغل: كم تترواح أعمار الانتحاريين؟
أبو عبد الله: أصغرهم 21 وأكبرهم زهاء 30 عاماً.
انقطع التيار الكهربائي اثناء الحديث مع القيادي في التنظيم، فوفر رجال الشرطة الضوء الشاحب من هواتفهم الذكية، فحتى في أشد السجون حراسة، التيار الكهربائي ينقطع.
عاد التيار الى السجن، وبدأنا نسأل ابو عبدالله عن، كيف اصبحت مسؤولاً رئيسياً للتفجيرات في بغداد ؟
أبو عبدالله : تم اختياري من قبل المخططين العسكريين في التنظيم، وسرعان ما اثبت قدرتي على التخطيط وتنفيذ الهجمات المسلحة.
شبيغل: هل تعرف بغداد جيداً؟
أبو عبد الله: هذه مدينتي التي ولدت فيها.
شبيغل: هل تجمعك معها ذكريات جيدة؟
أبو عبدالله: حينما كنت طفلاً، كنت اذهب كثيراً الى متنزه الزوراء، وحديقة الحيوانات في بغداد، مع والدي في عطلة نهاية الاسبوع، اذ كان يشتري لي "الآيس كريم" وأحياناً نذهب الى الشورجة بعدها.
شبيغل: هل هذه ذكريات جيدة بالنسبة لك؟
أبو عبد الله: نعم، كانت لطيفة.
شبيغل: كيف يمكنك أن تقتل الناس دون تمييز؟، هل تتجنب الأماكن التي لديك فيها ذكريات شخصية؟
أبو عبد الله: لا، قطعاً لا!، أنا لا أنظر الى الموضوع من هذا الجانب، انه جهاد في سبيل الله، وأنا متعطش للدماء، لكني لست جزاراً!
شبيغل: كيف ترى مستقبلك؟
أبو عبد الله: غير واضح.

إنتهی/AR01

مصدر:المدی

إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: