شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

أيهما الأخطر على أميركا: الأسد أم الإرهاب؟

في السجال الحاد مع السناتور الجمهوري بوب كروكر حول ما إذا كانت لدى إدارة أوباما خيارات عسكرية في سورية، أجابت باترسون إنها لا تريد مناقشة الأمر في جلسة علنية. لإجابتها تلك دلالة واضحة: لو لم يكن للإدارة خيار عسكري ينطوي على سر أو خطورة أمنية لما ارتأت باترسون الإحجام عن التصريح.
رمز الخبر: 10844
07:58 - 02 April 2014
SHIA-NEWS.COM  شیعة نیوز:


إذا لم تكن الولايات المتحدة قد اتخذت قراراً سياسياً وعسكرياً جديداً في شأن سورية، فإنها على وشك أن تفعل. يمكن استشفاف ذلك من محادثات الرئيس أوباما مع المسؤولين السعوديين أو من شهادة مساعدة وزير الخارجية الأميركي آن باترسون أمام أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. صحيح أن البيانات والتصريحات الرسمية لا تكفي للإحاطة بالموقف الأميركي الحقيقي من الأحداث والتحديات في سورية وغيرها، إلاّ إنها تُلقي بعناوينها البارزة والتعليقات التي ترافقها وتعقبها أضواء كاشفة على ما يجري التخطيط له، وما بات أيضاً قيد التنفيذ.
 
في السجال الحاد مع السناتور الجمهوري بوب كروكر حول ما إذا كانت لدى إدارة أوباما خيارات عسكرية في سورية، أجابت باترسون إنها لا تريد مناقشة الأمر في جلسة علنية. لإجابتها تلك دلالة واضحة: لو لم يكن للإدارة خيار عسكري ينطوي على سر أو خطورة أمنية لما ارتأت باترسون الإحجام عن التصريح.
 
استفزاز السناتور كروكر الساخر لباترسون بقوله: «لا خيارات لأميركا مطروحة على الطاولة»، حملها على كشف بعض جوانب السياسة الأميركية. قالت: «إن لدى واشنطن سياسة مبنيّة على دعم الدول المجاورة لسورية، مثل لبنان والأردن، وتوفير الإمدادات الإنسانية للمعارضة السورية ، والسعي إلى عمل عسكري لمحاولة تغيير حسابات النظام السوري على الأرض».
 
ما العمل العسكري الذي ستقوم به واشنطن لتغيير ميزان القوى على الأرض، بما يؤدي إلى إقصاء الرئيس بشار الأسد أو حمله على عدم الترشح لولاية جديدة؟
 
ثمة مؤشرات ظهرت في شهادة باترسون نفسها، وأخرى كشفتها حركة الواقع تستوجب فحصاً وتعليقاً:
أول المؤشرات قولُ باترسون: «إن حكومتنا تواصل دعم المعارضة المعتدلة». من هي تنظيمات «المعارضة المعتدلة؟» هل «جبهة النصرة» و«كتائب أنصار الشام» تنظيمان معتدلان؟ مصادر «جهادية» أكدت لوسائل إعلامية عدة «قيام بعض مجاهدي «أنصار الشام» بتكسير الصلبان داخل كنيسة في كسب». هل هذه فعلة «معتدلة»؟
 
ثاني المؤشرات قولُ باترسون إن واشنطن «لن تسمح للتنظيمات الإرهابية بإقامة مناطق آمنة لها داخل سورية، كما فعلت تنظيمات مشابهة في باكستان». أليس تنظيما «داعش» و«النصرة» تنظيمين موضوعين على قائمة التنظيمات الإرهابية الأميركية؟ ألا يسيطر هذان التنظيمان على مناطق واسعة في أرياف حلب والرقة وإدلب ودير الزور؟ كيف ستتخلص أميركا من هذه «المناطق الآمنة للإرهابيين»؟ ثم، أليست هذه المهمّة من اختصاص الحكومة السورية أصلاً؟
 
ثالث المؤشرات قولُ باترسون: «إن منع إقامة ملاذات آمنة ودائمة للإرهابيين هو من أبرز الأولويات لنا في الأزمة السورية». هل صحيح أن هذه فعلاً أبرز أولويات أميركا؟ ألا تشير كل التصرفات والتحركات على الأرض إلى أن أولوية أميركا هي دعم حلفائها والتنظيمات المعادية لحكومة الأسد، ما أدى إلى طغيان التنظيمات المنتمية إلى «القاعدة» على ما سواها من تنظيمات تدّعي الانتماء إلى دول وجهات معادية للإرهاب؟
 
رابع المؤشرات قولُ باترسون: «إننا بالتعاون مع شركائنا وأصدقائنا نعمل الآن لمواجهة التحديات المتزايدة التي يمثلها المقاتلون المتشددون والعنيفون في سورية واستمرار تدفقهم عليها من الخارج». أليس هؤلاء «المقاتلون المتشددون والعنيفون إرهابيين لا تريد أميركا أن تكون لهم ملاذات في سورية»؟ من سمح لهؤلاء «المتشددين العنيفين» بأن يتسللوا إلى سورية؟ ألم يتسللوا عبر حدود دول مجاورة تعتبرها أميركا شريكة وصديقة لها؟
 
خامس المؤشرات قولُ باترسون: «إن عدد المقاتلين المتشددين يصل إلى 32 ألف مقاتل، بينهم سبعة آلاف من المقاتلين الأجانب من مجموع عديد المعارضة المسلحة الذي يراوح بين 75 ألفاً و110 آلاف مقاتل». ألا تبدأ معالجة الأزمة السورية وبالتالي مواجهة خطر المقاتلين المتشددين والإرهابيين بقيام الدول المجاورة لسورية، الشريكة والصديقة لأميركا، بإعادة النظر بسياستها الحالية بما يؤدي إلى منع تسللهم إلى سورية ووقف مدّهم بالمال والسلاح؟.
 
سادس المؤشرات قولُ باترسون إنه «لا يمكن إجراء انتخابات في سورية بينما هناك ما بين تسعة وعشرة ملايين سوري خارج البلاد». لم تتحدث باترسون عن التداعيات والانعكاسات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الكتلة البشرية الضخمة على الدول المجاورة، ولا سيما لبنان والأردن، إلاّ أنها أشارت إلى أن أميركا تشاطر الأقليات السورية القلق على أمنها. حسناً، لكن ألا ترى واشنطن أن الحل الحاسم لمشكلة اللاجئين السوريين والأقليات، التي يهددها الإرهاب والإرهابيون، إنما يكمن بتوفير أسس متينة لحل سياسي للأزمة، يؤدي إلى توطيد الأمن وبالتالي إعادة ملايين اللاجئين والنازحين السوريين إلى بلادهم؟
 
سابع المؤشرات قولُ باترسون «إن الانتخابات الرئاسية في سورية لن تكون شرعية على الإطلاق». صحيح أن من حق أميركا وحلفائها أن تعارض سياسياً إعادة انتخاب الأسد لولاية جديدة، لكن أليس من واجبها وواجب حلفائها، بعد استشراء الفعالية الإرهابية لـ»المقاتلين المتشددين»، أن تكون الأولوية المطلقة لمواجهة هؤلاء في هذه الآونة؟ أليس الإرهاب أخطر من الأسد؟ إن سورية لا تطالب أميركا وحلفاءها بدعمها لمواجهة الإرهاب. لكن من حقها مطالبة الجميع بوقف دعم التنظيمات الإرهابية بالرجال والسلاح والمال والمواقف السياسية.
 
ثامن المؤشرات اعترافُ المسؤولين الأتراك ضمناً وإقرار رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو علناً، بوجود تسجيل صوتي لقيادات سياسية وعسكرية بينهم وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، ورئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدان، ونائب رئيس الأركان ياشار غولر، يفضح مخططاً لعمل عسكري تركي داخل سورية عبر إرسال رجال لقصف أراضيها من داخلها بغية تبرير الهجوم عليها. إن تركيا دولة شريكة وصديقة لأميركا وعضو في حلف «الناتو»،فهل يُعقل أن تتغاضى واشنطن عمّا تقوم به من أعمال وعمليات تصبّ في نهاية المطاف في مصلحة التنظيمات الإرهابية من حيث تمكين الإرهابيين من العبور إلى سورية بعدما بات عديدهم، بحسب باترسون، بين 75 و110 آلاف، بينهم سبعة آلاف من الأجانب؟ أليس منع تدفق «المقاتلين المتشددين» يؤدي إلى وقف تهديدهم للأقليات التي تُبدي أميركا قلقاً على أمنهم؟ ألا يؤدي وقف تدفق المقاتلين تالياً إلى انحسار الحرب وعـودة الملايين العشرة من اللاجئين السوريين إلى بلادهم وبيوتهم؟
 
لعل المدخل الصحيح لمعالجة الأزمة السورية يكمن في فصلها، بلا إبطاء، عن الأزمات الأخرى الإقليمية والدولية. ذلك أن الإصرار على إدخال الأزمة السورية بغيرها من الأزمات أو العكس، لن يؤدي إلاّ إلى الاستمرار في استخدام سورية ساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية لمصلحة الكبار يقوم بها، وكالةً، الحلفاء الصغار.

النهاية

کلمات دلیلیة: اسد ارهاب امریکا شیعه نیوز
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: