شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0

تازه تستصرخ الضمير العالمي

ليس بالامر الهين ان تعثر علي المصابين بالهجوم الكيمياوي الذي شنته عصابات داعش الارهابية بواسطة 42 صاروخا من نوع كاتيوشا مستهدفة الشيعة من ابناء القومية التركمانية في منطقة تازه جنوب محافظة كركوك، ليكونوا شهودا احياء يستصرخون الضمير العالمي عله يصحوا من سباته العميق
رمز الخبر: 13251
17:33 - 16 May 2016
شیعه نیوز/ كانت نتيجة هذا الهجوم الفاشي والاجرامي الذي وقع في حوالي الساعة الرابعة والنصف ظهر الثلاثاء الموافق 12 آذار / مارس 2016 هو 700 جريح بينهم 4 شهداء ثلاثة نساء وطفلة، الامم المتحدة وبعد مرور شهرين علي هذا الهجوم وصلت المنطقة لاخذ عينات وفحصها والتأكد من نوع السلاح الذي استهدفت به الاهالي هناك، وفي اوائل الشهر الجاري اكدت ان هذا الهجوم كان هجوما كيمياويا تم استخدام غاز الخردل فيه، الامر الذي صعق ابناء تازه وصدمهم لانهم يتذكرون جيدا كيف تم التعامل من قبل الدول الغربية وبعض اللاعبين في المنطقة مع قضية الهجوم الكيمياوي الذي استهدف منطقة الغوطة الشرقية المحيطة بدمشق اواخر اكتوبر 2013 والذي اعلنوا وبدون اجراء اي تحقيقات عن انه تم الاستفادة من الاسلحة الكيمياوية فيه واتهموا بذلك الحكومة السورية، وفي تلك الفترة في 26 اكتوبر وبعد 5 ايام بالتحديد من وقوع الحادثة دعت امريكا فريق مفتشي الامم المتحدة المكلف بالتحقيق بالقضية للعودة قبل اجراء اي تحقيق، واعتبرت الادلة التي تمتلكها تكفي لاثبات استخدام الاسلحة الكيمياوية، اما الان وبعد مرور شهرين من الهجوم الداعشي الكيمياوي علي تازه، لم تصدر اي بيانات حكومية تدين هذا الهجوم الوحشي .

سعيد عبدالحميد من الاهالي وهو مقاتل في الحشد الشعبي التركماني كان شاهدنا الاول حيث قال لنا: لقد شاهدت احد الصواريخ وهو يسقط علي الحي العسكري في تازه، وبعد سقوط الصاروخ انبعث منه دخان كثيف غطي سماء المنطقة، هرعنا انا وزملائي لاسعاف الناس المصابين، نحن لم نكن نعرف ان هذا الصاروخ يحمل موادا كيمياوية سامة، وحين وصلنا شاهدنا ان كثير من الناس الذين اصيبوا كانوا يعانون من الاختناق وصعوبة التنفس، وكانت الأوضاع مزرية الجميع كانوا يخرجون من منازلهم فزعين يركضون وهم مذعورين، نساء واطفال وشيوخ، الجميع كان يركض هنا وهناك ولايعرفون الي اين يتجهوا، كانت لحظات مره لاتوصف .

واستطرق سعيد مكملا حديثه لنا : في هذا الوضع المؤسف، كان اول من اغاث الناس فريق طبي ايراني متخصص، وصل بعد الحادثة بيوم واحد واستطاع اسعاف الاهالي هناك، وبعده وصل فريق فرنسي كانت مهمتهم اخذ عينات من مكان سقوط الصاروخ، وقام هذا الفريق باحداث انفجار للحيلولة دون انتشار الغازات السامة في المنطقة .

وطبقا لما ذكره الاهالي ان فريق امريكي جاء الي المنطقة ايضا وقام بتطهير المنازل الملوثة بالمواد الكيمياوية .

في ذلك اليوم اطلق داعش 42 صاروخا كيمياويا علي ناحية تازه وضواحي كركوك حيث اصابت 11 منها المناطق السكنية في تازه واطرافها وفي تلك الليلة استقبل مستشفي تازه حتي الساعة 12 ليلا حوالي 600 الي 700 مصاب من الابرياء العزل كانت حالة 40 منهم وخيمة جدا .

كنا نبحث جاهدين عن المصابين في هذا الهجوم الوحشي، (سيد غريب) معاون آمر اللواء 16 من الحشد الشعبي التركماني والذي رافقنا في جولتنا في منطقة البشير المدمرة، ارشدنا هذه المرة الي مقهي شعبي في تازة يقصده كبار السن واصحاب التجربة والشخصيات الشعبية من الاهالي، لعلنا نجد ظالتنا هناك، وفعلا وصلنا المقهي والتقينا شخصيات عديدة كان بينهم ابو كاظم الكركوكلي الذي قال : ان هدف عصابات داعش الارهابية من هذا الهجوم هو زرع الرعب والخوف بين اوساط اهالي تازه لانهم حاصروا هذه المدينة لمدة عامين وعجزوا عن كسر شوكتها واذلالها، لذلك لجئوا الي الانتقام بهذه الطريقة .

(التركمان الشيعة ليس لهم غير ايران فهي البلد الوحيد الذي وقف الي جانبنا وليس لنا ملجئ آخر غيرها، فالآخرون يتاجرون ويتعاملون بنا .)

استمر بحثنا مع سيد غريب الذي ارشدنا الي احد المنازل التي اصابتها احدي الصواريخ الكيمياوية، عثرنا علي المنزل لكن لسوء الحظ لم يكن احد من الرجال في هذا المنزل الامر الذي يصعب فيه التحدث مع النساء فقط دون وجود رجل من اهل المنزل .

'علي صالح' فتي عمره قرابة 14 عام احد ابناء العائلة عندما شاهدنا نقف علي مقربة من منزلهم اتي صوبنا مسرعا ليبلغنا ان والده غير موجود، وعندما عرف باننا صحفيين، اخذ يسرد ويوضح لنا الحالة، اظهر لنا اثار اصابته بالاسلحة الكيمياوية في عنقه قائلا :

(في البدأ اصاب الصاروخ منزلنا وانفجر، اصبنا جميعا بحالة من الرعب، وبعد لحظات انتشر الدخان في عموم المنزل وكانت تنبعث منه رائحة قوية وكريهة وكانها رائحة تعفن، تعجبنا جميعنا واصابتنا حالة من الهلع، وتركنا المنزل وخرجنا الي الخارج، ونحن لانعلم ما الذي يجري .)

واستمر علي يسرد لنا ماحصل : امي التي كانت في باحة المنزل اصابتها كانت اقوي من جميع افراد الاسرة، جاءت بسرعة الينا واخرجتنا انا واخواتي من المنزل، مضي وقت طويل حتي فهمنا ان هذا الدخان له علاقة بغاز الخردل .

جميع افراد العائلة اصيبوا وتم نقلهم الي المستشفي، سيارات الاطفاء الخاصة بغسل اثار المواد الكيمياوية وصلت بعد ايام وقامت بغسل المنزل وتطهير جميع مرفقاته، وجميع الاثاث في المنزل تم حرقه واتلافه وفقا لتوصيات الفريق الطبي الايراني الذي وصل المنطقة في اليوم الثاني من الحادث .
واصلنا البحث عن الحالات المصابة الاخري الا ان سيد غريب تذكر عمه ( طلعت ) و قال: (ان عمي هو احد الشخصيات الاجتماعية الفاعلة هنا في تازه وهو يعرف المصابين لنذهب اليه ليساعدكم)، وعندما وصلنا الي الرجل ودعنا سيد غريب بعد ان اعلن ( طلعت، ابو رضا ) استعداده مصاحبتنا ومعرفته بكثير من المصابين .

قادنا ابو رضا مباشرة الي منزل حسن حسين عباس احد المصابين بالهجوم الكيمياوي وهو معلم في احدي المدارس في تازه، تحدث لنا حسن قائلا : اثناء عودتي من المدرسة الي المنزل سمعت صوت انفجار قريب، ارتفع من مكان الانفجار دخان كثيف وسمعت اصوات الاستغاثة من النساء والاطفال التركمان المظلومين في تازه، كانت عصابات داعش التكفيرية تقوم بقصفنا دائما في اوقات العصر ومع انتهاء الدوام في المدارس ونحن اعتدنا علي ذلك، وفي ذلك اليوم كنا ايضا عائدون من المدرسة الي المنزل بما يقارب الساعة الرابعة والنصف عصرا، وسقط احد الصواريخ علي بعد حوالي 20 مترا مني ، وشاهد بالقرب مني ام فاطمة وهي تضم طفلتها الي صدرها وتجري وتستغيث وكانت بحالة من الذعر والهلع لااستطيع وصفها .

واكمل حسن حديثه : انتزعت الطفله من احضان امها وبسرعة خاطفة اوصلتها الي المستشفي، عند تسليمي الطفلة الي الاطباء والممرضين هناك طلب مني الاطباء الخروج من الغرفة والاستحمام بسرعة اثر الرائحة الكريهة التي كانت تنبعث مني وامروا بحرق ملابسي، عندها فهمت باني قد اصبت بمواد كيمياوية .

حسن انتزع قميصه واظهر لنا اثار اصابته علي صدره وظهره التي مازالت واضحة الاثر رغم مرور شهرين علي اخذه العلاج اللازم، وقال اي طفل يحتك جسدي بجسده فان تلك الاجزاء التي احتكت بي من جسمه تتضرر بسبب اصابتي .

الطفلة فاطمة التي نقلها حسن الي المستشفي توفت بعد ساعات من وصولها الي هناك، اما امها فكانت اصابتها بليغة جدا تم نقلها علي اثرها الي مستشفي كركوك .

اما أم فاطمة التي استشهدت طفلتها واصيبت هي بجروح بليغة بغاز الخردل والتي كانت تظهر علي وجهها الاصابات بشكل واضح،قالت لنا وهي تسرد لنا هول ماحصل لها ولطفلتها في ذلك اليوم : (لا اعلم من اين ابتدأ، في ذلك اليوم الاسود كنت انا مشغولة بانجاز بعض الاعمال البيتية داخل المنزل، فاطمة كانت جالسة في باب المنزل حين سقط احد الصواريخ في المنطقة المحيطة بالمنزل .)

وهنا اجهشت أم فاطمة بالبكاء والدموع اخذت تتجاري من عينيها المصابتين، ثم التقطت انفاسها، وبعد زفرة مريرة اطلقتها قالت : اعتقدت للوهلة الاولي ان ابنتي ماتت، لان المنطقة غطاها الدخان الكثيف، كنت مضطربة جدا عندما ناديت فاطمة، وحين سمعت صوتها وهي تجيبني شعرت بشيئ من الاطمأنان، وعندما اقتربت من الطفلة شعرت ان وضعها غير طبيعي، كما شعرت بانني اشعر بالاختناق وصعوبة التنفس، ضممت طفلتي علي صدري وانطلقت خارج المنزل لايصالها الي المستشفي، وعندما خرجت جائني حسن حسين عباس وهو احد المعلمين بالمنطقة وانتزع مني فاطمة وقال لي انت وابنتك مصابتين انا ساوصلها الي المستشفي قبلك وانت حاولي ان تصلي بنفسك الي هناك، واخذ مني فاطمة وانطلق بها مسرعا صوب المستشفي .

وتابعت أم فاطمة : استشهدت فاطمة وارسلوها الي بغداد، المسعفون والاخصائيون في المستشفي لم يتمكنوا من اسعافها رغم الجهود التي بذلوها، وانا وبعد الساعة 12 ليلا بدأت تظهر علي جسدي اعراض المواد الكيمياوية، وشعرت بحرقة شديدة في عيناي ثم فقدت بصري بعد ذلك لم استطيع مشاهدت اي شي امامي .

عند سؤالنا للمرأة عن دور المؤسسات الدولية والانسانية، اجابتنا : عن اي مؤسسات دولية وانسانية تتحدثون؟ وعن اي حقوق للانسان؟ اي مؤسسات دولية؟ هؤلاء عندما يحدث حادث تافه لهم ولشعوبهم، يملؤون العالم ضجيجا يقع ويقيمون الدنيا ولايقعدوها، اين هم الان؟! اين هم مما يحدث لنا؟! .

الشاهد والمصاب الاخر كان شابا تزوج حديثا اسمه محمد جمعه محمود، وكنا نستمع الي محمد بصعوبة بالغة، لان صوته يكاد ان لايسمع اطلاقا جراء اصابته بالحنجرة اثر استنشاقه المواد الكيمياوية، وكان محمد من ضمن المصابين الذين تلقوا علاجهم بمحافظة (تبريز) في ايران لذا كان يثني كثيرا علي موقف الايرانيين عموما ويشكرهم حكومة وشعبا لما قاموا به من اهتمام كبير بالمصابين وعلاجهم، ويخص بالشكر اهالي تبريز لحسن كرمهم وضيافتهم .

وقبل ان نغادر تازه كان ذهبنا الي احد المنازل التي اصابها احد الصواريخ الكيمياوية بشكل مباشر، وجدنا صاحب المنزل يتهيأ لحرق جميع اثاث المنزل وعند تجوالنا داخل المنزل كان يحذرنا بشكل شديد ان نلامس اي شي من اثاث المنزل او محتوياته لان كل ماكان في المنزل ملوثا بالغازات السامة، وقد تم حفر التربة في باحة المنزل لاكثر من مترين واستبدالها بتربة اخري، وتكررت هذه العملية 3 مرات حتي ايدت الفرق المختصة ان تربة باحة المنزل التي سقط فيها الصاروخ اصبحت خالية من التلوث، وبعد غسل جميع مرافق البناء في المنزل وتطهيره طلب المختصون من صاحب المنزل حرق جميع الاثاث والمستلزمات التي يحتويها .

وهنا ودعنا اهالي تازه وعزمنا العودة الي بغداد، ونحن مثقلون بجراحات وآلام هؤلاء الابرياء الذين اتخذهم التكفيريون هدفا لهم، ومازالوا مستمرون بهجماتهم الكيمياوية وبهذا الشكل الوحشي، والعالم كله والمنظمات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان يقفون مكتوفي الايدي ومكممي الافواه ومعصوبي الاعين، امام مجازر ترتكب بحق اناس ليس لهم ذنب سوي انهم قالوا اشهد ان لا اله الا الله .. واشهد ان محمد رسول الله.. واشهد ان عليا بالحق ولي الله !!

الوکالة الشیعية للأنباء
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: