شیعة نیوز | الوكالة الشيعية للأنباء | Shia News Agency

0
المرجع الاعلى الشيرازي يؤكّد:

الشيعة قوة بالعالم فعليهم إحقاق حقوقهم والدفاع عن أنفسهم

إن الشيعة اليوم هم قطب قويّ من أقطاب القوى في العالم، بل إنهم الأقوى (كيفية) على وجه المعمورة، فعليهم أن يكون الأقوى بالفعل أيضاً. فالشيعة إذا فعّلوا قوّتهم، فسينعم العالم كله بالحياة، وينجو من المظالم المدمّرة.
رمز الخبر: 7012
15:02 - 10 July 2013
SHIA-NEWS.COM شیعة نیوز:

بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، وكالسنوات السابقة، ألقى المرجع الديني الاعلى سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله، كلمه قيّمة مهمة، بجموع غفيرة من العلماء والفضلاء والمبلّغين وطلبة العلوم الدينية والمؤمنين، من العراق والخليج وأوروبا والهند وأفغانستان وباكستان وسوريا، ومن المدن الإيرانية قم المقدّسة وأصفهان وطهران وغيرها، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدسة، مساء يوم الأربعاء الموافق للثالث والعشرين من شهر شعبان المعظّم 1434 للهجرة.

في مستهلّ كلمته بارك سماحته قرب حلول شهر رمضان المبارك، شهر الهداية والفضائل، إلى المسلمين جميعاً، ودعا الله تعالى أن يمنّ بالتوفيق لشيعة أهل البيت صلوات الله عليهم وأتباعهم كافّة، أكثر وأكثر.

ثم بيّن سماحتهأهمية وضرورة الاستفادة القصوى من كل لحظة من لحظات أيام شهر رمضان المبارك، وقال: يقول الإمام زين العابدين صلوات الله عليه في دعاء له من الأدعية الخاصّة بالليلة الأولى من شهر رمضان المبارك، مخاطباً الله تعالى: (واعصمنا من الآثام والحوبة).

الحوبة لغوياً تعني: الإنسان الذي لا أثر له بالواقع. والمقصود من قول الإمام صلوات الله عليه هو أن يطلب الإنسان من الله تعالى بأن لا يكون إنساناً غير نافع.

وقال سماحته:يجب على الإنسان أن يسعى ويجدّ بأن يكون إنساناً صالحاً ونافعاً. وعليه، إن كان سائراً في طريق التكامل، أن يجدّ ويسعى كثيراً إلى التقدّم في هذا الطريق أكثر، وأن يقوّي ويرسّخ خطاه أكثر. وهذه الحالة نجدها في سائر طبقات المجتمع كالعلماء والفقهاء والمدرّسين وأئمة الجماعة والتجّار والكسبة والعمّال والموظّفين وغيرهم، وهذه الموهبة يستلزمها العزم الحقيقي والجاد.

واعتبر سماحتهشهر رمضان المبارك فرصة جيدة لتحصيل الكمالات الإنسانية، وأن يكون الإنسان نموذجاً راقياً في صدق النيّة، وصادقاً في قوله وعمله، وقال: هذا الشهر المبارك أفضل وقت للبدء في السير إلى الله تعالى وتحصيل الكمالات الإنسانية، ويقيناً هذا الأمر يسهل بالتوكل على الله تعالى والتوسّل إليه بأهل البيت الطيبين الطاهرين.

وأكد سماحتهبالغاً أهمية عمل العلماء ورجال الدين بسيرة أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، وقال: على أهل العلم أن يحذروا من الانحراف في مسيرتهم نحو الكمال، وأن لا يغرّوا أنفسهم بالعرفان الكاذب والسير والسلوك الناشئ من غير أهل البيت الأطهار صلوات الله عليهم، كي لا يقعوا في الضلال والظلمات. لأنه ليس كل رياضة نفسية وكل مخالفة لهوى النفس صحيحة. فالكثير من الأضرار التي تلحق الإنسان هي من هذه الرياضات النفسية، لابتعادها عن السيرة الطاهرة للأئمة المعصومين صلوات الله عليهم. وهذه الرياضات تجعل عاقبة سالكها والعامل بها عاقبة سيئة، كعاقبة بلعم بن باعوراء.

نعم إن الله تعالى يمنّ بلطفه على من يخالف هوى نفسه، وقد يوصله إلى مرتبة الإخبار عن الغيب، ولكن لا توجب سعادته بل تجلب له التعاسة والشقاء والضلال.

وأضاف سماحته:أُأكد وأقول: حذاري من الابتعاد عن خطى أهل البيت صلوات الله عليهم، لأن الطريق المستقيم والصحيح هو قول أهل البيت وفعلهم صلوات الله عليهم. فتأمّلوا وابحثوا في أحاديث أهل البيت صلوات الله عليهم، وانظروا بماذا أوصوا شيعتهم من وصايا ثمينة، بالنسبة إلى نيل الكمال. فكل وصية من وصاياهم هي مفتاح لحلّ مشاكل العباد جميعاً.

وأردف سماحته:إن المعصومين الأربعة عشر صلوات الله عليهم هم الملاك في كل الأمور، فيجب أن نجعل كل خطوة من خطواتنا في طريق أهل البيت، وحتى في جزئيات الدين، وحتي في صلاة الجماعة علينا أن نراعي حال المأمومين جميعاً وأن نقتدي بهذا الخصوص بمولانا رسول الله صلي الله عليه وآله.

إن الشرط في أن يصبح الإنسان انموذجاً وكاملاً هو أن يمتثل لتعاليم أهل البيت صلوات الله عليهم، وليس في اتّباع سلوكيات غيرهم، الفاقدة للأسس النبوية والعلوية.

وخاطب سماحته الخطباء والوعّاظ وقال: يجب على الخطباء والوعّاظ أن يعملوا بالموعظة ويمتثلوا للنصيحة، قبل أن يقولوها للناس وقبل أن يأمرونهم بها. فمن يعمل بهذا الأمر لا شكّ يرى العون من الله تعالى.

فيجب على الجميع أن يكونوا نموذجاً ومثالاً، وهذا يعني التصميم على العمل للوصول إلى الغاية، كل حسب مستواه ومكانته.

وفي جانب آخر من كلمته: أشار سماحته إلى خصائص الحاكم الإسلامي الحقيقي في منظار القرآن وأهل البيت عليهم السلام، وذكر قصة من حياة الإمام أمير المؤمنين، وقال: كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه جالساً في أصحابه، فوعظهم، فقال رجل من الخوارج: قاتله الله كافراً ما أفقهه. فوثب القوم ليقتلوه، فقال صلوات الله عليه: رويداً فإنّما هو سبّ بسبّ أو عفو عن ذنب.

وأوضح سماحته:إن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه في هذا القول منه، قد جمع آيتين من القرآن، فعندما قال (سبّ بسبّ) فيعني قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَي عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَي عَلَيْكُمْ). وقوله (عفو عن ذنب) هو قوله تعالى: (ادفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). وهذا التصرّف والسلوك هو من أبرز خصائص الحاكم النموذجي.

بعدها تطرّق سماحته في كلمته إلى الأحداث المؤلمة والمرّة التي حدثت بعد استشهاد مولانا النبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وقال: من المؤسف أنه بعد استشهاد رسول الله صلي الله عليه وآله، ظهرت ثقافة في الأمة الإسلامية، يذكرها التاريخ ويصفها بالمظلمة والمخزية، وهي ثقافة القتل والذبح والحرق وسحل الناس.

إنّ هذه المصائب وهذه الثقافة غير الإنسانية بدأت من حادثة حرق باب بيت مولاتنا الزهراء صلوات الله عليها، وتبعاً لها وجدت وظهرت تيارات ظلامية ظالمة عديدة ذكرها التاريخ. وبسبب هذه الثقافة ابتعد عن الدين ألوف الملايين من الناس. وذلك لأن هذه الثقافة بتصرّفاتها قدّمت للناس صورة مشوّهة ومظلمة عن الدين. في حين أن الإسلام الذي أتى به رسول الله وعمل به الإمام أمير المؤمنين هو إسلام كامل ودين كامل، وهذا ما يدلّ عليه اسلوب وتصرّف النبي والإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليهما أيام حكومتهما. فلم ير التاريخ مثيلاً لحكومة الرسول ولا لحكومة الإمام أمير المؤمنين.

من المؤسف أننا نرى اليوم أن بعض الحكومات في البلاد الإسلامية التي تحكم باسم الإسلام نرى أنها قد شوّهت الصورة الحقيقية للإسلام بتصرّفاتها.

وأشار سماحتهإلى جريمة من جرائم معاوية ومجازره التي ارتكبها وسفكه للدماء وقتله الآلاف من المسلمين والأبرياء، وقال: من المؤسف أننا نرى اليوم العشرات من القنوات الفضائية تمدح معاوية وتمجّده. والحال أن معاوية كان قد أمر بذبح ثلاثين ألف إنسان بتهمة اعتقادهم بإمامة عليّ بن أبي طالب.

وقال سماحته: لله الحمد، إن شيعة أهل البيت اليوم يحظون بالأمان أكثر من الماضي، فعليهم أن يستفيدوا من هذه الفرص في أن يبيّنوا للعالم، الإسلام الصحيح والصادق والحقيقي، وليس إسلام معاوية.

وعقّب سماحتهبعد أن أشار إلي جرائم الحكّام الذين حكموا باسم الإسلام، بقوله: من المؤسف إنّ الظالمين يعدّون أمثال ابن عربي وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب بأنهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله. وهذا حقيقة باعثة على الأسىوالأسف!!!

وأشار سماحتهإلى المساعي الفريدة والخدمات المشرقة التي قدّمها أكابر الشيعة لأجل جعل شيعة وأتباع أهل البيت في أمن وأمان، وقال: في الماضي، بذل علماء أجلاّء جهود كثيرة ومساعي كثيرة في رفع الظلم والمآسي عن الشيعة، ومنهم العلاّمة الحلّي، والمحقّق الكركي، والعلاّمة المجلسي. ولكن اليوم، ومن المؤسف، نرى أن ثقافة القتل والذبح والتعذيب باتت تنمو وتقوي في البلاد الإسلامية مرة أخرى.

إن المظالم والمجازر التي تقع في مصر وسوريا وباكستان والعراق وغيرها من نقاط البلاد الإسلامية اليوم هي امتداد لذلك التيار الذي بدأ ونشأ بحرقه لبيت الزهراء صلوات الله عليها. حيث بدأت هذه المظالم تبرز اليوم أكثر وأقوى من الماضي. ومن المؤسف أن بعض الحكومات الإسلامية تدعم مرتكبي هذه المظالم والمجازر.

إذن فمن هو المسؤول عن صدّ هذه المظالم والجرائم ومنعها؟

بالأمس وبأمر مباشر ممن كان يحكم باسم الإسلام وهو عبيد الله بن زياد، قتلوا مسلم بن عقيل عليه السلام، وسحلوا جثمانه الطاهر في أزقّة وشوارع الكوفة، ولكن اليوم نرى الحاكم باسم الإسلام أنه يأمر بذلك من وراء الستار كي يصل إلي مبغاه.

واليوم نرى، مع الأسف الشديد، أن جماعات معيّنة تقوم بقتل الشيعة وتقطّعهم إرباً إرباً ويسحلونهم في الشوارع ويذبحونهم باسم الإسلام وبهتافات الله أكبر!

وخاطب سماحته شيعة العالم بقوله: من المسؤول في التصدّي للذين يقومون بإراقة دماء الشيعة في العالم، ظلماً وعدواناً؟

أليس هذا من مسؤولية الشيعة كلهم؟

إنّ الشيعة اليوم، ولله الحمد، يتمتعون بمستوى جيّد من القدرة والعلم والثروة والإمكانات وحتى في عدد النفوس، حيث ذكرت بعض الإحصائيات أن عدد نفوس الشيعة قرابة المليار.

إذن على الشيعة كافّة، بالأخص المتواجدين في البلاد الحرّة، عليهم أن يهتموا ويهمّوا إلى الاستفادة من الحريّات المتاحة بأحسن ما يمكن.

على سبيل المثال: إن القنوات الفضائية الشيعية الموجودة اليوم هو عمل حسن ولكنها قليلة جدّاً. فأصحاب الباطل لديهم العشرات من القنوات التي يقومون من خلالها بنشر مذهبهم الباطل ويغطّون ببثهم نطاقاً واسعاً من العالم.
         
فأين الأثرياء والمتمكنين من الشيعة؟

ليعلم أثرياء الشيعة والمتمكّنين مالياً ان مسؤوليتهم أكبر من غيرهم بكثير، فعليهم أن يعملوا على تنمية وتقوية القنوات الشيعية من جهات عديدة.

كذلك يجب على السياسيين الشيعة أن يستفيدوا من مقامهم ومنصبهم في الدفاع عن الشيعة، وأن يعملوا دبلوماسياً على أن يجعلوا الشيعة في أمان وأمن وسلام.

إن الشيعة اليوم هم قطب قويّ من أقطاب القوى في العالم، بل إنهم الأقوى (كيفية) على وجه المعمورة، فعليهم أن يكون الأقوى بالفعل أيضاً. فالشيعة إذا فعّلوا قوّتهم، فسينعم العالم كله بالحياة، وينجو من المظالم المدمّرة.

وأكّد سماحته:إن في شهر رمضان المبارك، تقام مجالس كثيرة في المساجد والحسينيات، والفضل في ذلك كله هو بركات مولانا الإمام الحسين عليه السلام. فيجب على الجميع، بالأخص المبلّغين، أن يقوموا بدورهم ويتصدّوا لثقافة معاوية التي بدأت تظهر على الساحة اليوم بالجرائم والمجازر والمظالم نفسها التي ارتكبها معاوية. لأنه إن لم يتمّ التصدّي لهذه الفتنة فإن هذه المجازر وسفك الدماء والمظالم ستطال حتى الدول الحرّة بالعالم أيضاً.

كما على الشيعة في كل مكان أن يؤدّوا مسؤوليتهم في إحقاق حقوق الشيعة المظلومين في كل البلاد، وأن يدافعوا عنهم.

وختم دام ظله كلمته بقوله:أسأل الله تبارك وتعالى بفضله، وفضل أهل البيت صلوات الله عليهم، وبرعاية مولانا بقية الله عجّل الله تعالى فرجه الشريف، أن يوفّقنا جميعاً، وجميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات في أن نكون في مأمن من الحوبة في الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك.


النهاية
ابانت
إرسال التعليقات
لن يتم نشر التعليقات التي تحتوي على عبارات مسيئة
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رأیکم: